Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 16-16)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره لنبيه معرّفه الحجة على هؤلاء المشركين الذين قالوا له ائت بقرآن غير هذا أو بدّله : قل لهم يا محمد { لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ } أي ما تلوت هذا القرآن عليكم أيها الناس بأن كان لا ينزل عليّ فيأمرني بتلاوته عليكم ، { وَلا أدْرَاكُمْ بِهِ } يقول : ولا أعلمكم به ، { فَقَدْ لَبِثْتُ فيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ } يقول : فقد مكثت فيكم أربعين سنة من قبل أن أتلوه عليكم ومن قبل أن يوحيه إليَّ ربي ، { أفَلا تَعْقِلُونَ } أني لو كنت منتحلاً ما ليس لي من القول كنت قد انتحلته في أيام شبابي وحداثتي وقبل الوقت الذي تلوته عليكم ؟ فقد كان لي اليوم لو لم يوح إليّ وأومر بتلاوته عليكم مندوحة عن معاداتكم ومتسع في الحال التي كنت بها منكم قبل أن يوحى إليَّ وأومر بتلاوته عليكم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني المثنى ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { وَلا أدرَاكُمْ بِهِ } : ولا أعلمكم . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { ولَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أدْرَاكُمْ بِهِ } يقول : لو شاء الله لم يعلمكموه . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عباس : { لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أدْرَاكُمْ بِهِ } يقول : ما حذّرتكم به . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { إذَا تُتْلَى عَليْهِم آياتُنا بَيِّناتِ قالَ الَّذِين لا يَرْجُونَ لِقَاءَنا ائْتِ بقُرآنٍ غيرِ هَذَا أوْ بَدّلْه } وهو قول مشركي أهل مكة للنبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قال لنبيه صلى الله عليه وسلم : { لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أفَلا تَعْقِلُونَ } لبث أربعين سنة . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : { قُلْ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أدْرَاكُمْ بِهِ } ولا أعلمكم به . حدثني محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن الحسن ، أنه كان يقرأ : « وَلا أدْرَأتُكُمْ بِهِ » يقول : ما أعلمتكم به . حُدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { وَلا أدْرَاكُمْ بِهِ } يقول : ولا أشعركم الله به . وهذه القراءة التي حكيت عن الحسن عند أهل العربية غلط ، وكان الفراء يقول في ذلك قد ذكر عن الحسن أنه قال : « ولا أدْرأتكم به » ، قال : فإن يكن فيها لغة سوى « دريت » و « أدريت » ، فلعلّ الحسن ذهب إليها ، وأما أن يصلح من « دريت » أو « أدريت » فلا ، لأن الياء والوا إذا انفتح ما قبلهما وسكنتا صحتا ولم تنقلبا إلى ألف مثل قضيت ودعوت ، ولعلّ الحسن ذهب إلى طبيعته وفصاحته فهمزها ، لأنها تضارع « درأت الحدّ » وشبهه . وربما غلطت العرب في الحرف إذا ضارعه آخر من الهمز ، فيهمزون غير المهموز . وسمعت امرأة من طيّ تقول : رثأت زوجي بأبيات ، ويقولون : لبأت بالحجّ وحلأت السويق يتغلطون ، لأن « حلأت » قد يقال في دفع العطاش من الإبل ، و « لبأت » : ذهبت به إلى اللبأ ، لبأ الشاة ، و « رثأت زوجي » : ذهبت به إلى رثأت اللبن إذا أنت حلبت الحليب على الرائب ، فتلك الرثيئة . وكان بعض البصريين يقول : لا وجه لقراءة الحسن هذه لأنها من « أدريت » مثل « أعطيت » ، إلا أن لغة بني عقيل « أعطأت » يريدون « أعطيت » ، تحوّل الياء ألفا ، قال الشاعر : @ لَقَدْ آذَنَتْ أهْلَ اليَمامَةِ طَيىِّءٌ بحَرْبٍ كنَاصَاةَ الأغَرِّ المُشَهَّرِ @@ يريد كناصية حكي ذلك عن المفضل . وقال زيد الخيل : @ لَعْمُركَ ما أخْشَى التَّصَعْلُكَ ما بَقَا على الأرْضِ قَيْسيٌّ يَسُوقُ الأباعِرا @@ فقال « بقا » . وقال الشاعر : @ زَجَرْتُ فقلناً لا نرِيعُ لِزَاجِرٍ إنَّ الغَوِيَّ إذا نُهَا لَمْ يُعْتِب @@ يريد « نُهِي » . قال : وهذا كله على قراءة الحسن ، وهي مرغوب عنها ، قال : وطيّىء تصير كل ياء انكسر ما قبلها ألفاً ، يقولون : هذه جاراة ، وفي الترقوة : ترقاة ، والعرقوة : عرقاة ، قال : وقال بعض طيىء : قد لقت فزارة ، حذف الياء من لقيت لما لم يمكنه أن يحوّلها ألفا لسكون التاء فيلتقي ساكنان . وقال : زعم يونس أن نسا ورضا لغة معروفة ، قال الشاعر : @ وأبْنَيْتُ بالأَعْراضِ ذا البَطْنِ خالِداً نَسا أوْ تَناسَى أن يَعُدَّ المَوَاليا @@ ورُوى عن ابن عباس في قراءة ذلك أيضاً رواية أخرى ، وهي ما : حدثنا به المثنى ، قال : ثنا المعلى بن أسد ، قال : ثنا خالد بن حنظلة ، عن شهر بن حوشب ، عن ان عباس أنه كان يقرأ : « قُلْ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أنْذَرْتُكُمْ بِهِ » . والقراءة التي لا أستجيز أن تعدوها هي القراءة التي عليها قرّاء الأمصار : { لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أدْرَاكُمْ بِهِ } بمعنى : ولا أعلمكم به ، ولا أشعركم به .