Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 30-30)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اختلفت القرّاء في قراءة قوله : { هُنالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْس } بالباء ، بمعنى : عند ذلك تختبر كلّ نفس بما قدّمت من خير أو شرّ . وكان ممن يقرؤه ويتأوّله كذلك مجاهد . حدثني المثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا ابن أبي جعفر ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : هُنالكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ ما أسْلَفَتْ قال : تختبر . حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله . وقرأ ذلك جماعة من أهل الكوفة وبعض أهل الحجاز : « تَتْلُو كُلُّ نَفْسٍ ما أسْلَفَتْ » بالتاء . واختلف قارئو ذلك كذلك في تأويله ، فقال بعضهم : معناه وتأويله : هنالك تتبع كلّ نفس ما قدمت في الدنيا لذلك اليوم . ورُوي بنحو ذلك خبر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم من وجه وسند غير مرتضى أنه قال : " يُمَثَّلُ لِكُلّ قَوْمٍ ما كانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ يَوْمَ القِيامَةِ ، فَيَتَّبِعُونَهُمْ حتى يُورِدُوهُمُ النَّارَ " قال : ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : " هُنالكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ ما أسْلَفَتْ " . وقال بعضهم : بل معناه : تتلو كتاب حسناته وسيئاته ، يعني تقرأ ، كما قال جلّ ثناؤه : { ونُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ القِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً } وقال آخرون : تبلو : تعاين . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { هُنالكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ ما أسْلَفَتْ } قال : ما عملت . تبلو : تعاينه . والصواب من القول في ذلك أن يقال : إنهما قراءتان مشهورتان قد قرأ بكلّ واحدة منهما أئمة من القرّاء ، وهما متقاربتا المعنى وذلك أن من تبع في الآخرة ما أسلف من العمل في الدنيا ، هجم به على مورده ، فيخبر هنالك ما أسلف من صالح أو سيىء في الدنيا ، وإن من خير من أسلف في الدنيا من أعماله في الآخرة ، فإنما يخبر بعد مصيره إلى حيث أحله ما قدم في الدنيا من علمه ، فهو في كلتا الحالتين متبع ما أسلف من عمله مختبر له ، فبأيتهما قرأ القارىء كما وصفنا فمصيب الصواب في ذلك . أما قوله : { وَرُدُّوا إلى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الحَقِّ } فإنه يقول : ورجع هؤلاء المشركون يومئذ إلى الله الذي هو ربهم ومالكهم الحقّ لا شكّ فيه دون ما كانوا يزعمون أنهم لهم أرباب من الآلهة والأنداد . { وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ } يقول : وبطل عنهم ما كانوا يتخرّصون من الفرية والكذب على الله بدعواهم أوثانهم أنها لله شركاء ، وأنها تقرّبهم منه زلفى . كما : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَرُدُّوا إلى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ } قال : ما كانوا يدعون معه من الأنداد والآلهة ، ما كانوا يفترون الآلهة ، وذلك أنهم جعلوها أنداداً وآلهة مع الله افتراء وكذباً .