Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 4-4)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : إلى ربكم الذي صفته ما وصف جلّ ثناؤه في الآية قبل هذه معادكم أيها الناس يوم القيامة جميعاً . { وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا } فأخرج « وعد الله » مصدرا من قوله : { إلَيْهِ مَرْجَعُكُمْ } لأن فيه معنى الوعد ، ومعناه : يعدكم الله أن يحييكم بعد مماتكم وعداً حقًّا ، فلذلك نصب { وَعْدَ الله حَقًّا } . { إِنَّهُ يَبْدَؤُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } يقول تعالى ذكره : إن ربكم يبدأ إنشاء الخلق وإحداثه وإيجاده ثم يعيده ، فيوجده حيًّا كهيئته يوم ابتدأه بعد فنائه وبلائه . كما : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } قال : يحييه ثم يميته . قال أبو جعفر : وأحسبه أنه قال : « ثم يحييه » . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا عبد الله بن رجاء ، عن ابن جريج ، عن عبد الله بن كثير ، عن مجاهد : { يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } قال : يحييه ثم يميته ثم يحييه . حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { إنَّهُ يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } : يحييه ثم يميته ، ثم يبدؤه ثم يحييه . قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا ابن أبي جعفر ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد بنحوه . وقرأت قرّاء الإمصار ذلك : { إنَّهُ يَبْدَأُ الخَلْقَ } بكسر الألف من إنه على الاستئناف . وذُكر عن أبي جعفر الرازي أنه قرأه أنه بفتح الألف من « أنه » كأنه أراد : حقًّا أن يبدأ الخلق ثم يعيده ، ف « أنّ » حينئذ تكون رفعاً ، كما قال الشاعر : @ أحَقًّا عِبادَ اللَّهِ أنْ لَسْتُ زَائراً أبا حَبَّةٍ إلاَّ عليّ رَقِيبُ @@ وقوله : { لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحاتِ بالقِسْطِ } يقول : ثم يعيده من بعد مماته كهيئته قبل مماته عند بعثه من قبره ، { لَيْجِزيَ الَّذِينَ آمَنُوا } يقول : ليثيب من صدق الله ورسوله وعملوا ما أمرهم الله به من الأعمال واجتنبوا ما نهاهم عنه على أعمالهم الحسنة { بالقِسْطِ } يقول : ليجزيهم على الحسن من أعمالهم التي عملوها في الدنيا الحسن من الثواب والصالح من الجزاء في الآخرة ، وذلك هو القسط . والقسط العدل والإنصاف كما : حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { بالقِسْطِ } بالعدل . وقوله : { وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ } فإنه جلّ ثناؤه ابتدأ الخبر عما أعدّ الله للذين كفروا من العذاب . وفيه معنى العطف على الأوّل ، لأنه تعالى ذكره عمّ بالخبر عن معاد جميعهم كفارهم ومؤمنيهم إليه ، ثم أخبر أن إعادتهم ليجزي كلّ فريق بما عمل ، المحسن منهم بالإحسان والمسيء بالإساءة . ولكن لما كان قد تقدم الخبر المستأنف عما أعدّ للذين كفروا من العذاب ما يدلّ سامع ذلك على المراد ابتدأ الخبر والمعني العطف ، فقال : والذين جحدوا الله ورسوله وكذبوا بآيات الله ، لهم شراب في جهنم من حميم ، وذلك شراب قد أغلي واشتدّ حرّه حتى أنه فيما ذكر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ليتساقط من أحدهم حين يدنيه منه فروة رأسه ، وكما وصفه جلّ ثناؤه : { كالمُهْلِ يَشْوِي الوُجُوهَ } . وأصله مفعول صرف إلى فعيل ، وإنما هو « محموم » : أي مسخن ، وكلّ مسخن عند العرب فهو حميم ، ومنه قول المرقش : @ فِي كُلّ يَوْمٍ لَهَا مِقْطَرَةٌ فِيها كِباءٌ مُعَدٌّ وحَمِيمْ @@ يعني بالحميم : الماء المسخن . وقوله : { عَذَابٌ ألِيمٌ } يقول : ولهم مع ذلك عذاب موجع سوى الشراب من الحميم { بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ } بالله ورسوله .