Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 67-67)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : إن ربكم أيها الناس الذي استوجب عليكم العبادة { هُوَ } الربّ { الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ } وفصله من النهار ، لِتَسْكُنُوا فِيهِ مما كنتم فيه في نهاركم من التعب والنصب ، وتهدءوا فيه من التصرّف والحركة للمعاش والعناء الذي كنتم فيه بالنهار . { والنَّهارَ مُبْصِراً } يقول : وجعل النهار مبصرا ، فأضاف الإبصار إلى النهار ، وإنما يبصر فيه ، وليس النهار مما يُبْصِر ولكن لمّا كان مفهوما في كلام العرب معناه ، خاطبهم بما في لغتهم وكلامهم ، وذلك كما قال جرير @ لَقَدْ لُمْتِنا يا أُمَّ غَيْلانَ فِي السُّرَى ونِمْتِ وَما لَيْلُ المَطِيّ بِنائِمِ @@ فأضاف النوم إلى الليل ووصفه به ، ومعناه نفسه أنه لم يكن نائماً فيه هو ولا بعيره . يقول تعالى ذكره : فهذا الذي يفعل ذلك هو ربكم الذي خلقكم وما تعبدون ، لا ما لا ينفع ولا يضرّ ولا يفعل شيئاً . وقوله : { إنَّ فِي ذلكَ لآَياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } يقول تعالى ذكره : إن في اختلاف حال الليل والنهار وحال أهلهما فيهما دلالة وحججاً على أن الذي له العبادة خالصاً بغير شريك ، هو الذي خلق اللَّيل والنهار وخالف بينهما ، بأن جعل هذا للخلق سكناً وهذا لهم معاشاً ، دون من لا يخلق ولا يفعل شيئاً ولا يضرّ ولا ينفع . وقال : { لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } لأن المراد منه : الذين يسمعون هذه الحجج ويتفكرون فيها فيعتبرون بها ويتعظون ، ولم يرد به الذين يسمعون بآذانهم ثم يعرضون عن عبره وعظاته .