Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 118-119)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : ولو شاء ربك يا مـحمد لـجعل الناس كلها جماعة واحدة علـى ملة واحدة ودين واحد . كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَـجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةٍ } يقول : لـجعلهم مسلـمين كلهم . وقوله : { وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ } يقول تعالـى ذكره : ولا يزال الناس مختلفـين ، { إلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ } . ثم اختلف أهل التأويـل فـي الاختلاف الذي وصف الله الناس أنهم لا يزالون به ، فقال بعضهم : هو الاختلاف فـي الأديان . فتأويـل ذلك علـى مذهب هؤلاء ولا يزال الناس مختلفـين علـى أديان شتّـى من بـين يهودي ونصرانـي ومـجوسي ، ونـحو ذلك . وقال قائلو هذه الـمقالة : استثنى الله من ذلك من رحمهم ، وهم أهل الإيـمان . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا ابن نـمير ، عن طلـحة بن عمرو ، عن عطاء : { وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ } قال : الـيهود والنصارى والـمـجوس . والـحنـيفـية هم الذين رحم ربك . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا قبـيصة ، قال : ثنا سفـيان ، عن طلـحة بن عمرو ، عن عطاء : { وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ } قال : الـيهود والنصارى والـمـجوس { إلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ } قال : هم الـحنـيفـية . حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم وابن وكيع ، قالا : ثنا ابن علـية ، قال : أخبرنا منصور بن عبد الرحمن ، قال : قلت للـحسن ، قوله : { وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ إلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ } . قال : الناس مختلفون علـى أديان شتـى ، إلا من رحم ربك ، فمن رحم غير مختلفـين . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن حسن بن صالـح ، عن لـيث ، عن مـجاهد : { وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ } قال : أهل البـاطل . { إلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ } قال : أهل الـحق . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ } قال : أهل البـاطل . إلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ قال : أهل الـحق . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، نـحوه . قال : ثنا معلـي بن أسد ، قال : ثنا عبد العزيز ، عن منصور بن عبد الرحمن ، قال : سئل الـحسن عن هذه الآية : { وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ إلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ } قال : الناس كلهم مختلفون علـى أديان شتّـى . { إلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ } فمن رحم غير مختلف . فقلت له : ولذلك خـلقهم ؟ فقال : خـلق هؤلاء لـجنته وهؤلاء لناره ، وخـلق هؤلاء لرحمته وخـلق هؤلاء لعذابه . قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الرحمن بن سعد ، قال : ثنا أبو جعفر ، عن لـيث ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ } قال : أهل البـاطل . { إلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ } قال : أهل الـحقّ . قال : ثنا الـحمانـي ، قال : ثنا شريك ، عن خصيف ، عن مـجاهد ، قوله : { وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ } قال : أهل الـحقّ وأهل البـاطل . { إلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ } قال : أهل الـحق . قال : ثنا شريك ، عن لـيث ، عن مـجاهد ، مثله . قال : ثنا سويد بن نصر ، قال : أخبرنا ابن الـمبـارك : { إلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ } قال : أهل الـحقّ لـيس فـيهم اختلاف . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا بن يـمان ، عن سفـيان ، عن ابن جريج ، عن عكرمة : { وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ } قال : الـيهود والنصارى . { إلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ } قال : أهل القبلة . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، قال : أخبرنـي الـحكم بن أبـان عن عكرمة ، عن ابن عبـاس : { وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ } قال : أهل البـاطل . { إلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ } قال : أهل الـحقّ . حدثنا هناد ، قال : ثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرمة ، فـي قوله : { وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ إلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ } قال : لا يزالون مختلفـين فـي الهوى . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ إلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ } فأهل رحمة الله أهل جماعة وإن تفرّقت دورهم وأبدانهم ، وأهل معصيته أهل فرقة وإن اجتـمعت دورهم وأبدانهم . حدثنـي الـحارث ، قال : ثنا عبد العزيز ، قال : ثنا سفـيان ، عن الأعمش : { وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ إلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ } قال : من جعله علـى الإسلام . قال : ثنا عبد العزيز ، قال : ثنا الـحسن بن واصل ، عن الـحسن : { وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ } قال : أهل البـاطل إلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ . قال : ثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن عنبسة ، عن مـحمد بن عبد الرحمن ، عن القاسم بن أبـي بزة عن مـجاهد فـي قوله : { وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ } قال : أهل البـاطل . { إلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ } قال : أهل الـحقّ . حدثنا ابن حميد وابن وكيع ، قالا : ثنا جرير ، عن لـيث ، عن مـجاهد ، مثله . وقال آخرون : بل معنى ذلك : ولا يزالون مختلفـين فـي الرزق ، فهذا فقـير وهذا غنّى . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن عبد الأعلـى ، قال : ثنا معتـمر ، عن أبـيه ، أن الـحسن قال : مختلفـين فـي الرزق ، سخر بعضهم لبعض . وقال بعضهم : مختلفـين فـي الـمغفرة والرحمة ، أو كما قال . وأولـى الأقوال فـي تأويـل ذلك بـالصواب قول من قال : معنى ذلك : ولا يزال الناس مختلفـين فـي أديانهم وأهوائهم علـى أديان وملل وأهواء شتّـى ، { إلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ } فآمن بـالله وصدّق رسله ، فإنهم لا يختلفون فـي توحيد الله وتصديق رسله وما جاءهم من عند الله . وإنـما قلت ذلك أولـى بـالصواب فـي تأويـل ذلك ، لأن الله جلّ ثناؤه أتبع ذلك قوله : { وَتَـمَّتْ كِلـمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّـمَ مِنَ الـجِنَّةِ والنَّاسِ أجمَعِينَ } ففـي ذلك دلـيـل واضح أن الذي قبله من ذكر خبره عن اختلاف الناس ، إنـما هو خبر عن اختلاف مذموم يوجب لهم النار ، ولو كان خبراً عن اختلافهم فـي الرزق لـم يعقب ذلك بـالـخبر عن عقابهم وعذابهم . وأما قوله : { وَلذلكَ خَـلَقَهُمْ } فإن أهل التأويـل اختلفوا فـي تأويـله ، فقال بعضهم : معناه : وللاختلاف خـلقهم . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن مبـارك بن فضالة ، عن الـحسن : { وَلذلكَ خَـلَقَهُمْ } قال : للاختلاف . حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا ابن علـية ، قال : ثنا منصور بن عبد الرحمن ، قال : قلت للـحسن ، ولذلك خـلقهم ؟ فقال : خـلق هؤلاء لـجنته وخـلق هؤلاء لناره ، وخـلق هؤلاء لرحمته وخـلق هؤلاء لعذابه . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا ابن علـيه ، عن منصور ، عن الـحسن ، مثله . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا الـمعلـى بن أسد ، قال : ثنا عبد العزيز ، عن منصور بن عبد الرحمن ، عن الـحسن . بنـحوه . قال : ثنا الـحجاج بن الـمنهال ، قال : ثنا حماد ، عن خالد الـحذّاء ، أن الـحسن قال فـي هذه الآية : { وَلذلكَ خَـلَقَهُمْ } قال : خـلق هؤلاء لهذه ، وخـلق هؤلاء لهذه . حدثنا مـحمد بن بشار ، قال : ثنا هوذة بن خـلـيفة ، قال : ثنا عوف ، عن الـحسن ، قال : { وَلذلكَ خَـلَقَهُمْ } قال : أما أهل رحمة الله فإنهم لا يختلفون اختلافـاً يضرّهم . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وَلذلكَ خَـلَقَهُمْ } قال : خـلقهم فريقـين : فريقاً يرحم فلا يختلف ، وفريقاً لا يَرْحم يختلف ، وذلك قوله : { فَمِنْهُمْ شَقـيّ وَسَعِيدٌ } حدثنـي الحرث ، قال : ثنا عبد العزيز ، قال : ثنا سفـيان ، عن طلـحة بن عمرو ، عن عطاء ، فـي قوله : { وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ } قال : يهود ونصارى ومـجوس . { إلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ } قال : من جعله علـى الإسلام . { وَلذلكَ خَـلَقَهُمْ } قال : مؤمن وكافر . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا أشهب ، قال : سئل مالك عن قول الله : { وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ إلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلذلكَ خَـلَقَهُمْ } قال : خـلقهم لـيكونوا فريقـين : فريق فـي الـجنة ، وفريق فـي السعير . وقال آخرون : بل معنى ذلك : وللرحمة خـلقهم . ذكر من قال ذلك : حدثنـي أبو كريب ، قال : ثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن حسن بن صالـح ، عن لـيث ، عن مـجاهد : { وَلذلكَ خَـلَقَهُمْ } قال : للرحمة . حدثنا ابن حميد وابن وكيع ، قالا : ثنا جرير ، عن لـيث ، عن مـجاهد : { وَلذلكَ خَـلَقَهُمْ } قال للرحمة . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا الـحمانـي ، قال : ثنا شريك ، عن خصيف ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا سويد ، قال : أخبرنا ابن الـمبـارك ، عن شريك ، عن لـيث ، عن مـجاهد ، مثله . قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الرحمن بن سعد ، قال : أخبرنا أبو حفص ، عن لـيث ، عن مـجاهد ، مثله ، إلا أنه قال : للرحمة خـلقهم . حدثنـي مـحمد بن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مـحمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { وَلذلكَ خَـلَقَهُمْ } قال : للرحمة خـلقهم . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبو معاوية ، عمن ذكره عن ثابت ، عن الضحاك : { وَلذلكَ خَـلَقَهُمْ } قال : للرحمة . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، قال : أخبرنـي الـحكم بن أبـان ، عن عكرمة : { وَلذلكَ خَـلَقَهُمْ } قال : أهل الـحقّ ومن اتبعه لرحمته . حدثنـي سعد بن عبد الله ، قال : ثنا حفص بن عمر ، ثنا الـحكم بن أبـان ، عن عكرمة ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ إلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلذلكَ } قال : للرحمة { خَـلَقَهُمْ } ولـم يخـلقهم للعذاب . وأولـى القولـين فـي ذلك بـالصواب ، قول من قال : وللاختلاف بـالشقاء والسعادة خـلقهم لأن الله جلّ ذكره ذكر صنفـين من خـلقه : أحدهما أهل اختلاف وبـاطل ، والآخر أهل حقّ ثم عقب ذلك بقوله : { وَلذلكَ خَـلَقَهُمْ } ، فعمّ بقوله : { وَلذلكَ خَـلَقَهُمْ } صفة الصنفـين ، فأخبر عن كلّ فريق منهما أنه ميسر لـما خـلق له . فإن قال قائل : فإن كان تأويـل ذلك كما ذكرت ، فقد ينبغي أن يكون الـمختلفون غير ملومين علـى اختلافهم ، إن كان لذلك خـلقهم ربهم ، وأن يكونوا الـمتـمتعون هم الـملومين ؟ قـيـل : إن معنى ذلك بخلاف ما إلـيه ذهبت وإنـما معنى الكلام : ولا يزال الناس مختلفـين بـالبـاطل من أديانهم ومللهم { إلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ } فهداه للـحقّ ولعلـمه ، وعلـى علـمه النافذ فـيهم قبل أن يخـلقهم أنه يكون فـيهم الـمؤمن والكافر ، والشقّـي والسعيد خـلقهم ، فمعنى اللام فـي قوله : { وَلذلكَ خَـلَقَهُمْ } بـمعنى « علـى » كقولك للرجل : أكرمتك علـى برّك بـي ، وأكرمتك لبرّك بـي . وأما قوله : { وَتـمَّتْ كَلِـمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّـمَ مِنَ الـجِنَّةِ والنَّاسِ أجمَعِينَ } لعلـمه السابق فـيهم أنهم يستوجبون صِلِـيَّها بكفرهم بـالله ، وخلافهم أمره . وقوله : { وَتـمَّتْ كَلِـمَةُ رَبُّكَ } قسم كقول القائل : حلفـى لأزورنك ، وبدا لـي لآتـينك ولذلك تلقـيت بلام الـيـمين . وقوله : { مِنَ الـجِنَّةِ } وهي ما اجتنّ عن أبصار بنـي آدم والناس ، يعنـي : وبنـي آدم . وقـيـل : إنهم سموا جنة ، لأنهم كانوا علـى الـجنان . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا عبد الله ، عن إسرائيـل ، عن السديّ ، عن أبـي مالك : وإنـما سموا الـجنة أنهم كانوا علـى الـجنان ، والـملائكة كلهم جِنة . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا عبد الله ، عن إسرائيـل ، عن السديّ ، عن أبـي مالك ، قال : الـجِنَّة : الـملائكة . وأما معنى قول أبـي مالك هذا : أن إبلـيس كان من الـملائكة ، والـجنّ ذرّيته ، وأن الـملائكة تسمى عنده الـجنّ ، لـما قد بـيَّنت فـيـما مضى من كتابنا هذا