Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 1-1)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال أبو جعفر : قد ذكرنا اختلاف أهل التأويل في تأويل قوله { الر } والصواب من القول في ذلك عندنا بشواهده ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . وقوله : { كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ } يعني : هذا الكتاب الذي أنزله الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو القرآن . ورفع قوله : « كتابٌ » بنية : هذا كتاب . فأما على قول من زعم أن قوله : { الر } مراد به سائر حروف المعجم التي نزل بها القرآن ، وجعلت هذه الحروف دلالة على جميعها ، وأن معنى الكلام : هذه الحروف كتاب أحكمت آياته ، فإن الكتاب على قوله ينبغي أن يكون مرفوعاً بقوله : { الر } . وأما قوله : { أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصّلَتْ } فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله ، فقال بعضهم : تأويله : أحكمت آياته بالأمر والنهي ، ثم فصلت بالثواب والعقاب . ذكر من قال ذلك : حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرني أبو محمد الثقفي ، عن الحسن ، في قوله : { كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصّلَتْ } قال : أحكمت بالأمر والنهِي ، وفصّلت بالثواب والعقاب . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا عبد الكريم بن محمد الجرجاني ، عن أبي بكر الهذلي ، عن الحسن : { الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ } قال : أحكمت في الأمر والنهي وفصلت بالوعيد . حدثني المثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله بن الزبير ، عن ابن عيينة ، عن رجل ، عن الحسن : { الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ } قال : بالأمر والنهِي { ثُمَّ فُصّلَتْ } قال : بالثواب والعقاب . ورُوي عن الحسن قول خلافَ هذا . وذلك ما : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن أبي بكر ، عن الحسن ، قال : وحدثنا عباد بن العوّام ، عن رجل ، عن الحسن : { أُحْكِمَتْ } بالثواب والعقاب { ثُمَّ فُصّلَتْ } بالأمر والنهِي . وقال آخرون : معنى ذلك : أحكمت آياته من الباطل ، ثم فصلت ، فبين منها الحلال والحرام . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ } أحكمها الله من الباطل ثم فصلها بعلمه ، فبين حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته . حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصّلَتْ } قال : أحكمها الله من الباطل ، ثم فصلها : بينها . وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال : معناه : أحكم الله آياته من الدَّخل والخلل والباطل ، ثم فصلها بالأمر والنهي . وذلك أن إحكام الشيء إصلاحه وإتقانه ، وإحكام آيات القرآن إحكامها من خلل يكون فيها أو باطل يقدر ذو زيغ أن يطعن فيها من قبله . وأما تفصيل آياته فإنه تمييز بعضها من بعض بالبيان عما فيها من حلال وحرام وأمر ونهي . وكان بعض المفسرين يفسر قوله : { فُصّلَتْ } بمعنى : فسرت ، وذلك نحو الذي قلنا فيه من القول . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، قال : ثنا ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : { ثُمَّ فُصّلَتْ } قال : فسرت . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا ابن نمير ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { فُصّلَتْ } قال : فسرت . قال : ثنا محمد بن بكر ، عن ابن جريج ، قال : بلغني ، عن مجاهد : { ثُمَّ فُصّلَتْ } قال : فسرت . حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله . قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله . وقال قتادة : معناه : بيِّنت ، وقد ذكرنا الرواية بذلك قبل ، وهو شبيه المعنى بقول مجاهد . وأما قوله : { مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ } فإن معناه : حكيم بتدبير الأشياء وتقديرها ، خبير بما يؤول إليه عواقبها . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، في قوله : { مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ } يقول : من عند حكيم خبير .