Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 44-44)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الله تعالـى ذكره : وقال الله للأرض بعد ما تناهى أمره فـي هلاك قوم نوح بـما أهلكهم به من الغرق : { يا أرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ } : أي تَشَرَّبـي ، من قول القائل : بَلَعَ فلان كذا يَبْلَعُهُ ، أو بَلِعَهُ يَبْلَعُه إذا ازدرده . { وَيا سَماءُ اقْلِعي } يقول : أقلعي عن الـمطر : أمسكي . { وَغِيضَ الـماءُ } ذهبت به الأرض ونشفته . { وَقُضِيَ الأمْرُ } يقول : قُضِي أمر الله ، فمضي بهلاك قوم نوح . { وَاسْتَوَتْ علـى الـجُودِيّ } يعنـي الفُلْك . استوت : أرست علـى الـجوديّ ، وهو جبل فـيـما ذكر بناحية الـموصل أو الـجزيرة . { وَقِـيـلَ بُعْداً للقَوْمِ الظَّالِـمِينَ } يقول : قال الله : أبعد الله القوم الظالـمين الذين كفروا بـالله من قوم نوح . حدثنا عبـاد بن يعقوب الأسدي ، قال : ثنا الـمـحاربـيّ ، عن عثمان بن مطر ، عن عبد العزيز بن عبد الغفور عن أبـيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فِـي أولِ يَوْمٍ مِنْ رَجَبٍ رَكبَ نُوحٌ السَّفِـينَة فَصَامَ هُوَ وَجمِيعُ مَنْ مَعَهُ ، وَجَرَتْ بِهِمُ السَّفِـينَةُ سِتَّةَ أشْهُرٍ ، فـانْتَهَى ذلكَ إلـى الـمُـحَرَّمِ ، فَأرْسَتِ السَّفِـينَةُ علـى الـجُودِيّ يَوْمَ عاشُورَاءَ ، فَصَامَ نُوحٌ وأمَرَ جَمِيعَ مَنْ مَعَهُ مِن الوَحْشِ والدَّوَابّ فَصَامُوا شُكْراً لِلَّهِ " حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، قال : كانت السفـينة أعلاها للطير ، ووسطها للناس ، وفـي أسفلها السبـاع ، وكان طولها فـي السماء ثلاثـين ذراعا ، دفعت من عين وردة يوم الـجمعة لعشر لـيال مضين من رجب ، وأرست علـى الـجوديّ يوم عاشوراء ، ومرّت بـالبـيت فطافت به سبعاً ، وقد رفعه الله من الغرق ، ثم جاءت الـيـمن ، ثم رجعت . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن أبـي جعفر الرازي ، عن قتادة ، قال : هبط نوح من السفـينة يوم العاشر من الـمـحرّم ، فقال لـمن معه : من كان منكم الـيوم صائماً فلـيتـمّ صومه ، ومن كان مفطراً فلـيصم . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن أبـي معشر ، عن مـحمد بن قـيس قال : كان فـي زمن نوح شبر من الأرض لا إنسان يدّعيه . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : ذكر لنا أنها يعنـي الفلك استقلت بهم فـي عشر خـلون من رجب ، وكانت فـي الـماء خمسين ومئة يوم ، واستقرّت علـى الـجوديّ شهرا ، وأهبط بهم فـي عشر من الـمـحرّم يوم عاشوراء . وبنـحو ما قلنا فـي تأويـل قوله : { وَغِيضَ الـمَاءُ وَقُضِيَ الأمْرُ وَاسْتَوَتْ علـى الـجُودِيّ } قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { وَغِيضَ الـمَاءُ } قال : نقص . { وَقُضِيَ الأمْرُ } قال : هلاك قوم نوح . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنـي القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد ، مثله . قال : قال ابن جريج { وَغِيضَ الـمَاءُ } نشفته الأرض . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثنا معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { يا سَماءُ أقْلِعِي } يقول : أمسكي . { وَغِيضَ الـمَاءُ } يقول : ذهب الـماء . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { وَغِيضَ الـمَاءُ } الغيوض : ذهاب الـماء { وَاسْتَوَتْ علـى الـجُودِيّ } . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا ابن نـمير ، عن ورقاء ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { وَاسْتَوَتْ علـى الـجُودِيِّ } قال : جبل بـالـجزيرة ، تشامخت الـجبـال من الغرق ، وتواضع هو لله فلـم يغرق ، فأرسيت علـيه . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { وَاسْتَوَتْ علـى الـجُودِيّ } قال : الـجوديّ جبل بـالـجزيرة ، تشامخت الـجبـال يومئذ من الغرق وتطاولت ، وتواضع هو لله فلـم يغرق ، وأُرسيت سفـينة نوح علـيه . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وَاسْتَوَتْ علـى الـجُودِيّ } يقول : علـى الـجبل ، واسمه الـجُوديّ . حدثنـي الـحارث ، قال : ثنا عبد العزيز ، قال : ثنا سفـيان : { وَاسْتَوَتْ علـى الـجُودِيّ } قال : جبل بـالـجزيرة شمخت الـجبـال وتواضع حين أرادت أن ترفأ علـيه سفـينة نوح . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { وَاسْتَوَتْ علـى الـجُودِيّ } أبقاها الله لنا بوادي أرض الـجزيرة عبرة وآية . حُدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ قال : ثنا عبـيد بن سلـيـمان ، قال : سمعت الضحاك يقول : { وَاسْتَوَتْ علـى الـجُودِيّ } هو جبل بـالـموصل . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : ذكر لنا أن نوحاً بعث الغراب لـينظر إلـى الـماء ، فوجد جيفة فوقع علـيها ، فبعث الـحمامة فأتته بورق الزيتون ، فأعطيت الطوق الذي فـي عنقها وخضاب رجلـيها . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، قال : لـما أراد الله أن يكفّ ذلك يعنـي الطوفـان أرسل ريحا علـى وجه الأرض ، فسكن الـماء ، واستدت ينابـيع الأرض الغمر الأكبر ، وأبواب السماء يقول الله تعالـى : { وَقِـيـلَ يا أرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ ويا سمَاءُ أقْلِعِي } … إلـى : { بُعْداً للقَوْمِ الظَّالِـمِينَ } فجعل ينقص ويغيض ويدبر . وكان استواء الفلك علـى الـجودي فـيـما يزعم أهل التوراة فـي الشهر السابع لسبع عشرة لـيـلة مضت منه ، فـي أول يوم من الشهر العاشر ، رُئِي رؤوس الـجبـال . فلـما مضى بعد ذلك أربعون يوما فتـح نوح كوة الفلك التـي صنع فـيها ، ثم أرسل الغراب لـينظر له ما فعل الـماء فلـم يرجع إلـيه ، فأرسل الـحمامة فرجعت إلـيه ، ولـم يجد لرجلـيها موضعاً ، فبسط يده للـحمامة فأخذها ثم مكث سبعة أيام ، ثم أرسلها لتنظر له ، فرجعت حين أمست وفـي فـيها ورق زيتونة ، فعلـم نوح أن الـماء قد قل عن وجه الأرض . ثم مكث سبعة أيام ، ثم أرسلها فلـم ترجع ، فعلـم نوح أن الأرض قد برزت ، فلـما كملت السنة فـيـما بـين أن أرسل الله الطوفـان إلـى أن أرسل نوح الـحمامة ودخـل يوم واحد من الشهر الأول من سنة اثنتـين برز وجه الأرض ، فظهر الـيَبَس ، وكشف نوح غطاء الفلك ، ورأى وجه الأرض . وفـي الشهر الثانـي من سنة اثنتـين فـي سبع وعشرين لـيـلة منه قـيـل لنوح : { اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَـيْكَ وَعَلـى أُمَـمٍ مِـمَّنْ مَعَك وأُمَـمٌ سَنُـمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَـمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ ألِـيـمٌ } حُدثت عن الـحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : ثنا عبـيد بن سلـيـمان ، قال : سمعت الضحاك يقول : تزعم أناس أن من غرق من الولدان مع آبـائهم ، ولـيس كذلك ، إنـما الولدان بـمنزلة الطير وسائر من أغرق الله بغير ذنب ، ولكن حضرت آجالهم فماتوا لآجالهم ، والـمدركون من الرجال والنساء كان الغرق عقوبة من الله لهم فـي الدنـيا ثم مصيرهم إلـى النار .