Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 46-46)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الله تعالـى ذكره : قال الله يا نوح إن الذي غرّقته فأهلكته الذي تذكر أنه من أهلك لـيس من أهلك . واختلف أهل التأويـل فـي معنى قوله : { لَـيْسَ مِنْ أهْلِكَ } فقال بعضهم : معناه : لـيس من ولدك هو من غيرك . وقالوا : كان ذلك من حِنْث . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم ، قال : ثنا هشيـم ، عن عوف ، عن الـحسن ، فـي قوله : { إنَّهُ لَـيْسَ مِنْ أهْلِكَ } قال : لـم يكن ابنه . حدثنا أبو كريب وابن وكيع ، قالا : ثنا يحيى بن يـمان ، عن شريك ، عن جابر ، عن أبـي جعفر : { وَنادَى نُوحٌ ابْنَهُ } قال : ابن امرأته . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا ابن عُلَـية ، عن أصحاب ابن أبـي عَروبة فـيهم الـحسن ، قال : لا والله ما هو بـابنه . قال : ثنا أبـي ، عن إسرائيـل ، عن جابر ، عن أبـي جعفر : { وَنادَى نُوحٌ ابْنَهُ } قال : هذه بلغة طيّ لـم يكن ابنه ، كان ابن امرأته . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عمرو بن عون ، قال : ثنا هشيـم ، عن عوف ، ومنصور ، عن الـحسن فـي قوله : { إنَّهُ لَـيْسَ مِنْ أهْلِكَ } قال : لـم يكن ابنه . وكان يقرؤها : « إنَّهُ عَمِلَ غيرَ صَالِـحٍ » . حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة قال : كنت عند الـحسن فقال : نادي نوح ابنه : لعمر الله ما هو ابنه قال : قلت يا أبـا سعيد يقول : { وَنادَى نُوحٌ ابْنَهُ } وتقول : لـيس بـابنه ؟ قال : أفرأيت قوله : { إنَّهُ لَـيْسَ مِنْ أهْلِكَ } ؟ قال : قلت إنه لـيس من أهلك الذين وعدتك أن أنـجيهَم معك ، ولا يختلف أهل الكتاب أنه ابنه . قال : إن أهل الكتاب يَكْذِبون . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : سمعت الـحسن يقرأ هذه الآية : « إنَّهُ لَـيْسَ مِنْ أهْلِكَ إنَّهُ عَمِلَ غَيْرَ صَالِـحٍ » فقال عند ذلك : والله ما كان ابنه ثم قرأ هذه الآية : فخانَتاهُما قال سعيد : فذكرت ذلك لقتال ، قال : ما كان ينبغي له أن يحلف . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { فَلا تَسأَلْنِ ما لَـيْسَ لَكَ بِهِ عِلْـمٌ } قال : تبـين لنوح أنه لـيس بـابنه . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { فَلا تَسأَلْنِ ما لَـيْسَ لَكَ بِهِ عِلْـمٌ } قال : بـين الله لنوح أنه لـيس بـابنه . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد مثله . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد ، مثله . قال ابن جريج فـي قوله : { وَنادَى نُوحٌ ابْنَهُ } قال : ناداه وهو يحسبه أنه ابنه وكان وُلِد علـى فراشه . حدثنـي الـحرث ، قال : ثنا عبد العزيز ، قال : ثنا إسرائيـل ، عن ثور ، عن أبـي جعفر : { إنَّهُ لَـيْسَ مِنْ أهْلِكَ } قال : لو كان من أهله لنـجا . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا سفـيان ، عن عمرو ، وسمع عبـيد بن عمير يقول : نرى أن ما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم " الوَلَدُ للْفِرَاشِ " من أجل ابن نوح . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا ابن عُلَـية ، عن ابن عون ، عن الـحسن ، قال : لا والله ما هو بـابنه . وقال آخرون : معنى ذلك : { لَـيْسَ مِنْ أهْلِكَ } الذين وعدتك أن أُنـجيهم . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كريب وابن وكيع ، قالا : ثنا ابن يـمان ، عن سفـيان ، عن أبـي عامر ، عن الضحاك ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { وَنادَى نُوحٌ ابْنَهُ } قال : هو ابنه . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبو أسامة ، عن سفـيان ، قال : ثنا أبو عامر ، عن الضحاك ، قال : قال ابن عبـاس : هو ابنه ، ما بغت امرأة نبـيّ قطٌّ . حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوريّ ، عن أبـي عامر الهمدانـيّ ، عن الضحاك بن مزاحم ، عن ابن عبـاس ، قال : ما بغت امرأة نبـيّ قطّ ، قال : وقوله : { إنَّهُ لَـيْسَ مِنْ أهْلِكَ } الذين وعدتك أن أنـجيهَم معك . حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة وغيره ، عن عكرمة ، عن ابن عبـاس ، قال : هو ابنه ، غيرَ أنه خالفه فـي العمل والنـية . قال عكرمة فـي بعض الـحروف : إنه عمل عملاً غير صالـح ، والـخيانة تكون علـى غير بـاب . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : كان عكرمة يقول : كان ابنه ، ولكن كان مخالفـاً له فـي النـية والعمل ، فمن ثم قـيـل له : { إنَّهُ لَـيْسَ مِنْ أهْلِكَ } . حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري وابن عيـينة ، عن موسى بن أبـي عائشة عن سلـيـمان بن قَتَّة ، قال : سمعت ابن عبـاس يُسأل وهو إلـى جنب الكعبة عن قول الله تعالـى : { فخانَتاهُمَا } قال : أَمَا إنه لـم يكن بـالزنا ، ولكن كانت هذه تـخبر الناس أنه مـجنون ، وكانت هذه تدلّ علـى الأضياف . ثم قرأ : { إنَّهُ عَمَلٌ غيرُ صَالِـحٍ } . قال ابن عيـينة : وأخبرنـي عمار الدُّهْنِـيّ أنه سأل سعيد بن جبـير ، عن ذلك فقال : كان ابن نوح ، إن الله لا يكذب . قال : { وَنادَى نُوحٌ ابْنَهُ } قال : وقال بعض العلـماء : ما فجرت امرأة نبـيَ قط . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا ابن عيـينة ، عن عمار الدهنـي ، عن سعيد بن جبـير ، قال : قال الله وهو الصادق ، وهو ابنه : { وَنادَى نُوحٌ ابْنَهُ } . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن يـمان ، عن سعيد ، عن موسى بن أبـي عائشة ، عن عبد الله بن شداد عن ابن عبـاس ، قال : ما بغت امرأة نبـيّ قطُّ . حدثنا يعقوب بن إبراهيـم ، قال : ثنا هشيـم ، قال : سألت أبـا بشر ، عن قوله : { إنَّهُ لَـيْسَ مِنْ أهْلِكَ } قال : لـيس من أهل دينك ، ولـيس مـمن وعدتك أن أنـجيهَم . قال يعقوب : قال هشيـم : كان عامة ما كان يحدثنا أبو بشر عن سعيد بن جبـير . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا مـحمد بن عبـيد ، عن يعقوب بن قـيس ، قال : أتـى سعيدَ بن جبـير رجل فقال : يا أبـا عبد الله ، الذي ذكر الله فـي كتابه ابن نوح أبنه هو ؟ قال : نعم ، والله إن نبـيّ الله أمره أن يركب معه فـي السفـينة فعصى ، فقال : { سآوِي إلـى جَبَلٍ يَعْصِمُنِـي مِنَ الـمَاءِ قالَ يا نُوحُ إنَّهُ لَـيسَ مِنْ أهْلِكَ إنَّهُ عَمَلٌ غيرُ صَالِـحٍ } لـمعصية نبـيّ الله . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنـي أبو صخر ، عن أبـي معاوية البَجَلِـي ، عن سعيد بن جبـير أنه جاء إلـيه رجل فسأله فقال : أرأيتك ابن نوح : أبنه ؟ فسبح طويلاً ثم قال : لا إله إلا الله ، يحدّث الله مـحمداً : { وَنادَى نُوحٌ ابْنَهُ } وتقول لـيس منه ولكن خالفه فـي العمل ، فلـيس منه من لـم يؤمن . حدثنـي يعقوب وابن وكيع ، قالا : ثنا ابن عُلَـية ، عن أبـي هارون الغَنَوي ، عن عكرمة ، فـي قوله : { وَنادَى نُوحٌ ابْنَهُ } قال : أشهد أنه ابنه ، قال الله : { وَنادَى نُوحٌ ابْنَهُ } . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن إسرائيـل ، عن جابر ، عن مـجاهد وعكرمة قالا : هو ابنه . حدثنـي فَضَالة بن الفضل الكوفـي ، قال : قال بَزِيع : سأل رجل الضحاك عن ابن نوح فقال : ألا تعجبون إلـى هذا الأحمق يسألنـي عن ابن نوح ؟ وهو ابن نوح ، كما قال الله : قال نوح لابنه . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا عبـيد ، عن الضحاك أنه قرأ : { وَنادَى نُوحٌ ابْنَهُ } . وقوله : { لَـيْسَ مِنْ أهْلِكَ } قال : يقول : لـيس هو من أهلك . قال : يقول : لـيس هو من أهل ولايتك ، ولا مـمن وعدتك أن أنـجيَ من أهلك . { إنَّهُ عَمَلٌ غيرُ صَالِـحٍ } قال : يقول : كان عمله فـي شرك . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن جويبر ، عن الضحاك ، قال : هو والله ابنه لصلبه . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عمرو بن عون ، قال : أخبرنا هشيـم ، عن جويبر ، عن الضحاك ، فـي قوله : { لَـيْسَ مِنْ أهْلِكَ } قال : لـيس من أهل دينك ، ولا مـمن وعدتك أن أنـجيه ، وكان ابنه لصلبه . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { قالَ يا نُوحُ إنَّهُ لَـيْسَ مِنْ أهْلِكَ } يقول : لـيس مـمن وعدناه النـجاة . حُدثت عن الـحسينِ بن الفرج ، قال : سمعت أبـا معاذ ، قال : ثنا عبـيد بن سلـيـمان ، قال : سمعت الضحاك يقول فـي قوله : { إنَّهُ لَـيْسَ مِنْ أهْلِكَ } يقول : لـيس من أهل ولايتك ، ولا مـمن وعدتك أن أنـجيَ من أهلك . { إنَّهُ عَمَلٌ غيرُ صَالِـحٍ } يقول : كان عمله فـي شرك . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا خالد بن حيان ، عن جعفر بن بِرْقان ، عن ميـمون ، وثابت بن الـحجاج قالا : هو ابنه وُلد علـى فراشه . وأولـى القولـين فـي ذلك بـالصواب قول من قال : تأويـل ذلك : إنه لـيس من أهلك الذين وعدتك أن أنـجَيهم ، لأنه كان لدينك مخالفـاً وبـي كافراً . وكان ابنه لأن الله تعالـى ذكره قد أخبر نبـيه مـحمداً صلى الله عليه وسلم أنه ابنه ، فقال : { وَنادَى نُوحٌ ابْنَهُ } وغير جائز أن يخبر أنه ابنه فـيكون بخلاف ما أخبر . ولـيس فـي قوله : { إنَّهُ لَـيْسَ مِنْ أهْلِكَ } دلالة علـى أنه لـيس بـابنه ، إذ كان قوله : { لَـيْسَ مِنْ أهْلِكَ } مـحتـملاً من الـمعنى ما ذكرنا ، ومـحتـملاً أنه لـيس من أهل دينك ، ثم يحذف « الدين » فـيقال : إنه لـيس من أهلك ، كما قـيـل : { وَاسأَلِ القَرْيَةَ التـي كُنَّا فِـيها } . وأما قوله : { إنَّهُ عَمَلٌ غيرُ صَالِـحٍ } فإن القرّاء اختلفت فـي قراءته ، فقرأته عامة قرّاء الأمصار : { إنَّهُ عَمَلٌ غيرُ صَالِـحٍ } بتنوين عمل ورفع غير . واختلف الذي قرءوا ذلك كذلك فـي تأويـله ، فقال بعضهم : معناه : إن مسألتك إياي هذه عملٌ غيرُ صالـح . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيـم : إنَّهُ عَمَلٌ غيرُ صَالِـحٍ قال : إن مسألتك إياي هذه عمل غير صالـح . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { إنَّهُ عَمَلٌ غيرُ صَالِـحٍ } أي سوء { فَلا تَسأَلْنِ ما لَـيْسَ لَكَ بِهِ عِلْـمٌ } . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { إنَّهُ عَمَلٌ غيرُ صَالِـحٍ } يقول : سؤالك عما لـيس لك به علـم . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن حمزة الزيات ، عن الأعمش ، عن مـجاهد ، قوله : { إنَّهُ عَمَلٌ غيرُ صَالِـحٍ } قال : سؤالك إياي عمل غير صالـح فَلا { تَسأَلْنِ ما لَـيْسَ لَكَ بِهِ عِلْـمٌ } . وقال آخرون : بل معناه : إن الذي ذكرت أنه ابنك فسألتنـي أن أنـجيَه عمل غير صالـح ، أي أنه لغير رِشْدة . وقالوا : الهاء فـي قوله : « إنَّهُ » عائدة علـى الابن . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا ابن نـمير ، عن ابن أبـي عَرُوبة ، عن قتادة ، عن الـحسن أنه قرأ : { عَمَلٌ غيرُ صَالِـحٍ } قال : ما هو والله بـابنه . ورُوي عن جماعة من السلف أنهم قرأوا ذلك : « إنَّهُ عَمِلَ غيرَ صَالِـحٍ » علـى وجه الـخبر عن الفعل الـماضي ، وغير منصوبة . ومـمن رُوي عنه أنه قرأ ذلك كذلك ابن عبـاس . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا ابن عيـينة عن موسى بن أبـي عائشة عن سلـيـمان بن قَتَّة ، عن ابن عبـاس أنه قرأ : « عَمِلَ غَيْرَ صَالِـحٍ » . ووجهوا تأويـل ذلك إلـى ما . حدثنا به ابن وكيع ، قال : ثنا غُنْدر ، عن ابن أبـي عَروبة عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عبـاس : { إنَّهُ عَمَلٌ غيرُ صَالِـحٍ } قال : كان مخالفـاً له فـي النـية والعمل . ولا نعلـم هذه القراءة قرأ بها أحد من قراء الأمصار إلا بعض الـمتأخرين . واعتل فـي ذلك بخبر رُوِي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قرأ ذلك كذلك غير صحيح السند ، وذلك حديث رُوي عن شَهْر بن حَوْشَب ، فمرة يقول عن أمّ سلـمة ، ومرّ يقول عن أسماء بنت يزيد ، ولا نعلـم لبنت يزيد ولا نعلـم لشَهْرٍ سماعاً يصحّ عن أمّ سلـمة . والصواب من القراءة فـي ذلك عندنا ما علـيه قرّاء الأمصار ، وذلك رفع « عمل » بـالتنوين ، ورفع « غير » ، يعنـي : إن سؤالك إياي ما تسألنـيه فـي ابنك الـمخالف دينك الـموالـي أهل الشرك بـي من النـجاة من الهلاك ، وقد مضت إجابتـي إياك فـي دعائك : { لا تَذَرْ علـى الأرْضِ مِنَ الكافِرِينَ دَيَّاراً } ما قد مضى من غير استثناء أحد منهم عملٌ غير صالـح ، لأنه مسألة منك إلـيّ أن لا أفعل ما قد تقدم منـي القول بأنـي أفعله فـي إجابتـي مسألتك إياي فعله ، فذلك هو العمل غير الصالـح . وقوله : { فَلا تَسأَلْنِ ما لَـيْسَ لَكَ بِهِ عِلْـمٌ } نهي من الله تعالـى ذَكَّره نبـيه نوحاً أن يسأله عن أسبـاب أفعاله التـي قد طوى علـمها عنه وعن غيره من البشر . يقول له تعالـى ذكره : إنـي يا نوح قد أخبرتك عن سؤالك سبب إهلاكي ابنك الذي أهكلته ، فلا تسألن بعدها عما قد طَوَيت علـمه عنك من أسبـاب أفعالـي ، ولـيس لك به علـم إنـي أعظك أن تكون من الـجاهلـين فـي مسألتك إياي عن ذلك . وكان ابن زيد يقول فـي قوله : { إنّـي أعِظُكَ أنْ تَكُونَ من الـجاهِلِـينَ } ما : حدثنـي به يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { إنّـي أعِظُكَ أنْ تَكُونَ مِنَ الـجاهِلِـينَ } أن تبلغ الـجهالة بك أن لا أَفِـيَ لك بوعد وعدتك حتـى تسألنـي ما لـيس لك به علـم { وَإلاَّ تَغْفِرْ لـي وَتَرْحَمِنـي أكُنْ مِنَ الـخاسِرِينَ } واختلفت القرّاء فـي قراءة قوله : { فَلا تَسألَنِ ما لَـيْسَ لَكَ بِهِ علْـمٌ } فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار { فَلا تَسألْنِ ما لَـيْسَ لَكَ بِه علْـمٌ } بكسر النون وتـخفـيفها ، ونَـحَوْا بكسرها إلـى الدلالة علـى الـياء التـي هي كناية اسم الله { فَلا تَسألْنِ } . وقرأ ذلك بعض الـمكيـين وبعض أهل الشام : « فَلا تَسألَنَّ » بتشديد النون وفتـحها ، بـمعنى : فلا تسألنَّ يا نوح ما لـيس لك به علـم . والصواب من القراءة فـي ذلك عندنا تـخفـيف النون وكسرها ، لأن ذلك هو الفصيح من كلام العرب الـمستعمل بـينهم .