Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 48-48)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : { يا نُوحُ اهْبطْ } من الفلك إلـى الأرض { بسَلامٍ منَّا } يقول : بأمن منا أنت ومن معك من إهلاكنا ، { وَبَرَكاتٍ عَلَـيْكَ } يقول : وبركات علـيك ، { وَعلـى أُمَـمٍ مـمَّنْ مَعَكَ } يقول : وعلـى قرون تـجيء من ذرِّية من معك من ولدك ، فهؤلاء الـمؤمنون من ذرّية نوح الذين سبقت لهم من الله السعادة وبـارك علـيهم قبل أن يخـلقهم فـي بطون أمهاتهم وأصلاب آبـائهم . ثم أخبر تعالـى ذكره نوحا عما هو فـاعل بأهل الشَّقاء من ذريته ، فقال له : { وَأُمَـمٌ } يقول : وقرون وجماعة ، { سَنُـمَتِّعُهُمْ } فـي الـحياة فـي الدنـيا يقول : نرزقهم فـيها ما يتـمتعون به إلـى أن يبلغوا آجالهم . { ثُمَّ يَـمُسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ ألِـيـمٌ } يقول : ثم نذيقهم إذا وردوا علـينا عذابـاً مؤلـماً موجعاً . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي عن موسى بن عبـيدة ، عن مـحمد بن كعب القرظي : { قِـيـلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَـيْكَ وَعلـى أُمَـمٍ مِـمَّنْ مَعَكَ } … إلـى آخر الآية ، قال : دخـل فـي ذلك السلام كل مؤمن ومؤمنة إلـى يوم القـيامة ودخـل فـي ذلك العذاب والـمتاع كل كافر وكافرة إلـى يوم القـيامة . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبو داود الـحَفَرِي ، عن سفـيان ، عن موسى بن عبـيدة ، عن مـحمد بن كعب القرظي : { قِـيـلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَـيْكَ وَعلـى أُمَـمٍ مِـمَّنْ مَعَكَ } قال : دخـل فـي السلام كل مؤمن ومؤمنة ، وفـي الشرك كل كافر وكافرة . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا سويد ، قال : أخبرنا ابن الـمبـارك قراءة عن ابن جريج : { وَعَلـى أُمَـمٍ مِـمَّنْ مَعَكَ } يعنـي مـمن لـم يولد ، قد قضي البركات لـمن سبق له فـي علـم الله وقضائه السعادة . { وأُمَـمٌ سَنُـمَتِّعُهمُ } من سبق له فـي علـم الله وقضائه الشقاوة . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج بنـحوه ، إلا أنه قال : { وأُمَـمٌ سَنُـمَتِّعُهُمْ } متاعَ الـحياة الدنـيا ، مـمن قد سبق له فـي علـم الله وقضائه الشقاوة . قال : ولـم يهلك الولدان يوم غرق نوح بذنب آبـائهم كالطير والسبـاع ، ولكن جاء أجلهم مع الغرق . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد فـي قوله : { اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَـيْكَ وَعلـى أُمَـمٍ مِـمَّنْ مَعَكَ وأُمَـمٌ سَنُـمَتِّعُهُمْ } قال : هبطوا والله عنهم راض ، هبطوا بسلام من الله ، كانوا أهل رحمة من أهل ذلك الدهر . ثم أخرج منهم نسلاً بعد ذلك أمـما ، منهم من رحم ، ومنهم من عذّب . وقرأ : { وَعلـى أُمَـمٍ مِـمَّنْ مَعَكَ وأُمَـمٌ سَنُـمَتِّعُهُمْ } وذلك إنـما افترقت الأمـم من تلك العصابة التـي خرجت من ذلك الـماء وسلـمت . حُدثت عن الـحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبـا معاذ ، قال : ثنا عبـيد بن سلـيـمان ، قال : سمعت الضحاك يقول فـي قوله : { يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَـيْكَ وَعلـى أُمَـمٍ مِـمَّنْ مَعَكَ } . … الآية ، يقول : بركات علـيك وعلـى أمـمـم مـمن معك لـم يولدوا ، أوجب الله لهم البركات لـما سبق لهم فـي علـم الله من السعادة . { وَأُمَـمٌ سَنُـمَتِّعُهُمْ } يعنـي : متاع الـحياة الدنـيا . { ثُمَّ يَـمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ ألـيـمٌ } لـما سبق لهم فـي علـم الله من الشقاوة . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا الـحجاج بن الـمنهال ، قال : ثنا حماد ، عن حميد ، عن الـحسن : أنه كان إذا قرأ سورة هود ، فأتـى علـى : { يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَـيْكَ } حتـى ختـم الآية ، قال الـحسن : فأنـجى الله نوحا والذين آمنوا ، وهلك الـمتـمتعون حتـى ذكر الأنبـياء ، كل ذلك يقول : أنـجاه الله وهلك الـمتـمتعون . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { سَنُـمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَـمُسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ ألِـيـمٌ } قال : بعد الرحمة . حدثنا العبـاس بن الولـيد ، قال : أخبرنـي أبـي ، قال : أخبرنا عبد الله بن شَوْذَب ، قال : سمعت داود بن أبـي هند يحدّث عن الـحسن أنه أتـى علـى هذه الآية : { اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَـيْكَ وَعلـى أُمَـمٍ مِـمَّنْ مَعَكَ وأُمَـمٌ سَنُـمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَـمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ ألِـيـمٌ } قال : فكان ذلك حين بعث الله عادا ، فأرسل إلـيهم هودا ، فصدّقه مصدقون وكذّبه مكذبون حتـى جاء أمر الله فلـما جاء أمر الله نَـجَّى الله هوداً والذين آمنوا معه ، وأهلك الله الـمتـمتعين ، ثم بعث الله ثمود ، فبعث إلـيهم صالـحاً ، فصدّقه مصدّقون وكذّبه مكذبون ، حتـى جاء أمر الله فلـما جاء أمر الله نَـجَّى الله صالـحاً والذين آمنوا معه وأهلك الله الـمتـمتعين ، ثم استقرأ الأنبـياء نبـيًّا نبـيًّا علـى نـحوٍ من هذا .