Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 92-92)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : قال شعيب لقومه : يا قوم أَعْزَزْتـم قومكم ، فكانوا أعزّ علـيكم من الله ، واستـخففتـم بربكم ، فجعلتـموه خـلف ظهوركم ، لا تأتـمرون لأمره ولا تـخافون عقابه ، ولا تعظمونه حقّ عظمته . يقال للرجل إذا لـم يقض حاجة الرجل : نبذ حاجته وراء ظهره : أي تركها لا يـلتفت إلـيها ، وإذا قضاها قـيـل : جعلها أمامه ونُصْب عينـيه ويقال : ظهرت بحاجتـي وجعلتها ظِهرِية : أي خـلف ظهرك ، كما قال الشاعر : @ وَجَدْنا بنـي البَرْصَاءِ مِنْ وَلَدِ الظَّهْرِ @@ بـمعنى : أنهم يظهرون بحوائج الناس فلا يـلتفتون إلـيها . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس : { قالَ يا قَوْمِ أرَهْطِي أعَزُّ عَلَـيْكُمْ مِنَ اللَّهِ واتـخَذْتُـمَوهُ وَرَاءَكُم ظهرِيًّا } وذلك أن قوم شعيب ورهطه كانوا أعزّ علـيهم من الله ، وصَغُر شأن الله عندهم عزّ ربنا وجلّ ثناؤه . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس : { واتَّـخَذْتُـمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا } قال : قـفـا . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { قالَ يا قَوْمِ أرَهْطِي أعَزُّ عَلَـيْكُمْ مِنَ اللَّهِ واتـخَذْتُـمَوهُ وَرَاءَكُم ظِهْرِيًّا } يقول : عَزَّزتـم قومكم ، وأظهرتـم بربكم . حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مـحمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { وَاتَّـخَذْتُـمُوه وَرَاءكُمْ ظِهْرِيًّا } قال : لـم تراقبوه فـي شيء إنـما تراقبون قومي . { وَاتَّـخَذْتُـمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا } يقول : عَزَّزتـم قومكم وأظهرتـم بربكم . حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مـحمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { وَاتَّـخَذْتُـمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا } قال : لـم تراقبوه فـي شيء ، إنـما تراقبون قومي ، واتـخذتـموه وراءكم ظِهْرِيًّا لا تـخافونه . حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، فـي قوله : { أرَهْطِي أعَزُّ عَلَـيْكُمْ مِنَ اللَّهِ } قال : أعززتـم قومكم واغتررتـم بربكم ، سمعت إسحاق بن أبـي إسرائيـل قال : قال سفـيان : { واتَّـخَذْتُـمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا } كما يقول الرجل للرجل : خـلفت حاجتـي خـلف ظهرك ، فـاتـخذتـموه وراءكم ظهريًّا : استـخففتـم بأمره ، فإذا أراد الرجل قضاء حاجة صاحبه جعلها أمامه بـين يديه ولـم يستـخف بها . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { واتَّـخَذْتُـمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا } قال : الظهري الفضل ، مثل الـجمال يخرج معه بـابل ظهارية فضل لا يحمل علـيها شيئاً إلا أن يحتاج إلـيها ، قال : فـيقول : إنـما ربكم عندكم مثل هذا إن احتـجتـم إلـيه ، وإن لـم تـحتاجوا إلـيه فلـيس بشيء . وقال آخرون : معنى ذلك : واتـخذتـم ما جاء به شعيب وراءكم ظهريًّا ، فـالهاء فـي قوله : { واتَّـخَذْتُـمُوهُ } علـى هذا من ذكر ما جاء به شعيب علـيه السلام . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا ابن نـمير ، عن ورقاء ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { واتَّـخَذْتُـمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا } قال : تركتـم ما جاء به شعيب . قال : ثنا جعفر بن عون ، عن سفـيان ، عن جابر ، عن مـجاهد ، قال : نبذوا أمره . حدثنـي الـحارث ، قال : ثنا عبد العزيز ، عن سفـيان ، عن جابر ، عن مـجاهد : { واتَّـخَذْتُـمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا } قال : نبذتـم أمره . حدثنا مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { واتَّـخَذْتُـمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا } قال : هم رهط شعيب تركهم ما جاء به وراء ظهورهم ظهريًّا . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد . قال : وحدثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { واتَّـخَذْتُـمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا } قال : استثناؤهم رهط شعيب ، وتركهم ما جاء به شعيب وراء ظهورهم ظهريًّا . وإنـما اخترنا القول الذي اخترناه فـي تأويـل ذلك لقرب قوله : { واتَّـخَذْتُـمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا } من قوله : أرَهْطِي أعَزُّ عَلَـيْكُمْ مِنَ اللَّهِ فكانت الهاء فـي قوله { واتَّـخَذْتُـمُوهُ } بأن تكون من ذكر الله لقرب جوارها منه أشبه وأولـى . وقوله : { إنَّ رَبّـي بِـمَا تَعْمَلُونَ مُـحِيطٌ } يقول : إن ربـي مـحيط علـمه بعملكم ، فلا يخفـى علـيه منه شيء ، وهو مـجازيكم علـى جميعه عاجلاً وآجلاً .