Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 20-20)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : { وَجَعَلْنَا لَكُمْ } أيها الناس فـي الأرض { مَعَايِشَ } ، وهي جمع معيشة { وَمَنْ لَسْتُـمْ لَهُ بِرَازِقـينَ } . اختلف أهل التأويـل فـي الـمعنـي فـي قوله : { وَمَنْ لَسْتُـمْ لَهُ بِرَازِقـينَ } فقال : بعضهم : عُنـي به الدوّاب والأنعام . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحرث ، قال : ثنا الـحسين قال : ثنا ورقاء وحدثنا الـحسن بن مـحمد ، قال : ثنا شبـابة ، قال : ثنا ورقاء وحدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح وحدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله جمعياً ، عن ورقاء ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { وَمَنْ لَسْتُـمْ لَهُ بِرَازِقـينَ } الدوابّ والأنعام . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد ، مثله . وقال آخرون : عُنـي بذلك الوحشُ خاصة . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن الـمثنى ، قال : ثنا مـحمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن منصور فـي هذه الآية { وَمَنْ لَسْتُـمْ لَهُ بِرَازِقـينَ } قال : الوحش . فتأويـل « مَنْ » فـي : { وَمَنْ لَسْتُـمْ لَهُ بِرَازِقـينَ } علـى هذا التأويـل بـمعنى « ما » ، وذلك قلـيـل فـي كلام العرب . وأولـى ذلك بـالصواب ، وأحسن أن يقال : عُنـي بقوله : { وَمَنْ لَسْتُـمْ لَهُ بِرَازِقـينَ } من العبـيد والإماء والدوابّ والأنعام . فمعنى ذلك : وجعلنا لكم فـيها معايشَ والعبـيدَ والإماء والدوابّ والأنعام . وإذا كان ذلك كذلك ، حسن أن توضع حينئذ مكان العبـيد والإماء والدوابّ « من » ، وذلك أن العرب تفعل ذلك إذا أرادت الـخبر عن البهائم معها بنو آدم . وهذا التأويـل علـى ما قلناه وصرفنا إلـيه معنى الكلام إذا كانت « من » فـي موضع نصب عطفـاً به علـى « معايش » بـمعنى : جعلنا لكم فـيها معايش ، وجعلنا لكم فـيها من لستـم له برازقـين . وقـيـل : إنّ « من » فـي موضع خفض عطفـاً به علـى الكاف والـميـم فـي قوله : { وَجَعلْنَا لَكُمْ } بـمعنى : وجعلنا لكم فـيها معايش { وَمَنْ لَسْتُـمْ لَهُ بِرَازِقـينَ } . وأحسب أن منصوراً فـي قوله : هو الوحش ، قصد هذا الـمعنى وإياه أراد وذلك وإن كان له وجه كلام العرب فبعيد قلـيـل ، لأنها لا تكاد تظاهر علـى معنى فـي حال الـخفض ، وربـما جاء فـي شعر بعضهم فـي حال الضرورة ، كما قال بعضهم : @ هَلاَّ سألْتَ بذِي الـجمَاجِمِ عنهُمُ وأبى نُعَيـمٍ ذي اللِّوَاءِ الـمُخْرَقِ @@ فردّ أبـا نعيـم علـى الهاء والـميـم فـي « عنهم » . وقد بـيَّنت قبح ذلك فـي كلامهم .