Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 15-15)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : ومن نِعمه علـيكم أيها الناس أيضاً ، أن ألقـى فـي الأرض رواسي ، وهي جمع راسية ، وهي الثوابت فـي الأرض من الـجبـال . وقوله : { أنْ تَـمِيدَ بِكُمْ } يعنـي : أن لا تـميد بكم ، وذلك كقوله : { يُبَـيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أنْ تَضِلُّوا } ، والـمعنى : أن لا تضلوا . وذلك أنه جلّ ثناؤه أرسى الأرض بـالـجبـال لئلا يـميد خـلقه الذي علـى ظهرها ، بل وقد كانت مائدة قبل أن تُرْسى بها . كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الـحسن ، عن قـيس بن عبـاد : أن الله تبـارك وتعالـى لـما خـلق الأرض جعلت تـمور ، قالت الـملائكة : ما هذه بـمقرّة علـى ظهرها أحداً فأصبحت صبحاً وفـيها رواسيها . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا الـحجاج بن الـمنهال ، قال : ثنا حماد ، عن عطاء بن السائب ، عن عبد الله بن حبـيب ، عن علـيّ بن أبـي طالب ، قال : لـما خـلق الله الأرض قَمَصَت ، وقالت : أي ربّ أتـجعل علـيّ بنـي آدم يعملون علـيّ الـخطايا ويجعلون علـيّ الـخبث ؟ قال : فأرسى الله علـيها من الـجبـال ما ترون وما لا ترون ، فكان قرارها كاللـحم يترجرج . والـميد : هو الاضطراب والتكفؤ ، يقال : مادت السفـينة تـميد ميداً : إذا تكفأت بأهلها ومالت ، ومنه الـميد الذي يعتري راكب البحر ، وهو الدوار . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حُذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { أنْ تَـمِيدَ بِكُمْ } : أن تكفأ بكم . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، عن الـحسن ، فـي قوله : { وألْقَـى فِـي الأرْضِ روَاسِيَ أنْ تَـمِيدُ بِكُمْ } قال : الـجبـال أن تـميد بكم . قال : قتادة : سمعت الـحسن يقول : لـما خـلقت الأرض كادت تـميد ، فقالوا : ما هذه بـمقرّة علـى ظهرها أحداً فأصبحوا وقد خُـلقت الـجبـال ، فلـم تدر الـملائكة مـم خُـلقت الـجبـال . وقوله : { وأنهَاراً } يقول : وجعل فـيها أنهاراً ، فعطف بـالأنهار علـى الرواسي ، وأعمل فـيها ما أعمل فـي الرواسي ، إذ كان مفهوماً معنى الكلام والـمراد منه وذلك نظير قول الراجز : @ تَسْمَعُ فـي أجْوَافِهِنَّ صَوْرَا وفـي الـيَدَيْنِ حَشَّةً وبَوْرَا @@ والـحشة : الـيُبس ، فعطف بـالـحشة علـى الصوت ، والـحشة لا تسمع ، إذ كان مفهوماً الـمراد منه وأن معناه وترى في اليدين حَشَّةً . وقوله : { وَسُبُلاً } وهي جمع سبـيـل ، كما الطرق جمع طريق . ومعنى الكلام : وجعل لكم أيها الناس فـي الأرض سُبلاً وفجاجاً تسلكونها وتسيرون فـيها فـي حوائجكم وطلب معايشكم رحمة بكم ونعمة منه بذلك علـيكم ولو عماها لهلكتـم ضلالاً وحيرة . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { سُبُلاً } : أي طرقاً . حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مـحمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { سُبُلاً } قال : طرقاً . وقوله { لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } يقول : لكي تهتدوا بهذه السبل التـي جعلها لكم فـي الأرض إلـى الأماكن التـي تقصدون والـمواضع التـي تريدون ، فلا تضلوا وتتـحيروا .