Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 17-18)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره لعبدة الأوثان والأصنام : أفمن يخـلق هذه الـخلائق العجيبة التـي عددناها علـيكم وينعم علـيكم هذه النعم العظيـمة ، كمن لا يخـلق شيئاً ولا ينعم علـيكم نعمة صغيرة ولا كبـيرة ؟ يقول : أتشركون هذا فـي عبـادة هذا ؟ يعرّفهم بذلك عظم جهلهم وسوء نظرهم لأنفسهم وقلَّة شكرهم لـمن أنعم علـيهم بـالنعم التـي عدّدها علـيهم التـي لا يحصيها أحد غيره ، قال لهم جلّ ثناؤه موبخهم : { أفَلا تَذَكَّرُونَ } أيها الناس يقول : أفلا تذكرون نعم الله علـيكم وعظيـم سُلطانه وقُدرته علـى ما شاء ، وعجز أوثانكم وضعفها ومهانتها ، وأنها لا تـجلب إلـى نفسها نفعاً ولا تدفع عنها ضرًّا ، فتعرفوا بذلك خطأ ما أنتـم علـيه مقـيـمون من عبـادتكموها وإقراركم لها بـالألوهة ؟ كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { أفَمَنْ يَخْـلُقُ كَمَنْ لاَ يخْـلُقُ أفَلا تَذَكَّرُونَ } والله هو الـخالق الرازق ، وهذه الأوثان التـي تعبد من دون الله تُـخْـلق ولا تَـخْـلُق شيئاً ، ولا تـملك لأهلها ضرًّا ولا نفعاً ، قال الله : { أفلا تذكَّرون } . وقـيـل : { كَمَنْ لاَ يَخْـلُقُ } هو الوثن والصنـم ، و « من » لذوي التـميـيز خاصة ، فجعل فـي هذا الـموضع لغيرهم للتـميـيز ، إذ وقع تفصيلاً بـين من يُخْـلق ومن لا يَخْـلُق . ومـحكّى عن العرب : اشتبه علـيّ الراكب وجمله ، فما أدري مَنْ ذا ومَنْ ذا ، حيث جمعا وأحدهما إنسان حسنت « مَنْ » فـيهما جميعاً ومنه قول الله عزّ وجلّ : { فَمِنْهُمْ مَنْ يَـمْشِي علـى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَـمْشِي علـى رِجْلَـيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَـمْشِي علـى أرْبَعٍ } وقوله : { وَإنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُـحْصُوها } لا تطيقوا أداء شكرها . { إنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيـمٌ } يقول جلّ ثناؤه : إن الله لغفور لـما كان منكم من تقصير فـي شكر بعض ذلك إذا تبتـم وأنبتـم إلـى طاعته واتبـاع مرضاته ، رحيـم بكم أن يعذّبكم علـيه بعد الإنابة إلـيه والتوبة .