Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 53-53)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اختلف أهل العربـية فـي وجه دخول الفـاء فـي قوله : { فَمِنَ اللّهِ } فقال بعض البصريـين : دخـلت الفـاء ، لأن « ما » بـمنزلة « من » فجعل الـخبر بـالفـاء . وقال بعض الكوفـيـين : « ما » فـي معنى جزاء ، ولها فعل مضمر ، كأنك قلت : ما يكن بكم من نعمة فمن الله ، لأن الـجزاء لا بدّ له من فعل مـجزوم ، إن ظهر فهو جزم ، وإن لـم يظهر فهو مضمر كما قال الشاعر : @ إن العَقْلُ فـي أموَالِنا لا نَضِقْ بِهِ ذِرَاعاً وَإنْ صَبْراً فنَعْرِفُ للصَّبْرِ @@ وقال : أراد : إن يكن العقل فأضمره . قال : وإن جعلت « ما بكم » فـي معنى « الذي » جاز ، وجعلت صلته « بكم » و « ما » فـي موضع رفع بقوله : { فَمِنَ اللّهِ } وأدخـل الفـاء كما قال : { إنَّ الـمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فإنَّه مُلاقِـيكُمْ } وكل اسم وصل مثل « من » و « ما » و « الذي » ، فقد يجوز دخول الفـاء فـي خبره لأنه مضارع للـجزاء والـجزاء قد يجاب بـالفـاء ، ولا يجوز أخوك فهو قائم ، لأنه اسم غير موصول ، وكذلك تقول : مالك لـي ، فإن قلت : مالك ، جاز أن تقول : مالك فهو لـي ، وإن ألقـيت الفـاء فصواب . وتأويـل الكلام : ما يكن بكم فـي أبدانكم أيها الناس من عافـية وصحة وسلامة وفـي أموالكم من نـماء ، فـالله الـمنعم علـيكم بذلك لا غيره ، لأن ذلك إلـيه وبـيده . { ثُمَّ إذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ } يقول : إذا أصابكم فـي أبدانكم سَقَم ومرض وعلة عارضة وشدّة من عيش ، { فإلَـيْهِ تَـجْأَرُونَ } يقول : فإلـى الله تصرخون بـالدعاء وتستغيثون به ، لـيكشف ذلك عنكم . وأصله : من جؤار الثور ، يقال منه : جأر الثور يجأر جُؤاراً ، وذلك إذا رفع صوتاً شديداً من جوع أو غيره ومنه قول الأعشى : @ وَما أيْبُلِـيٌّ عَلـى هَيْكَلٍ بَناهُ وَصَلَّبَ فِـيهِ وصَارَا يُرَاوِحُ مِنْ صَلَوَاتِ الـمَلِـيـ كِ طَوْراً سُجُوداً وَطَوْراً جُؤَارا @@ يعنـي بـالـجؤار : الصياح ، إما بـالدعاء وإما بـالقراءة . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحرث ، قال : ثنا الـحسن قال : ثنا ورقاء وحدثنـي الـمثنى ، قال : أخبرنا أبو حُذيفة ، قال : ثنا شبل وحدثنـي الـمثنى ، قال : أخبرنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله ، عن ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { فإلَـيْهِ تَـجأَرُونَ } قال : تضرعون دعاء . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنـي الـمثنى ، قال : أخبرنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، رضي الله عنهما ، قال : الضُّرّ : السُّقْم .