Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 71-71)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : والله أيها الناس فضّل بعضكم علـى بعض فـي الرزق الذي رزقكم فـي الدنـيا ، فما الذين فضَّلهم الله علـى غيرهم بـما رزقهم { بِرَادّي رِزْقهِمْ علـى ما مَلَكَتْ أيـمَانُهُمْ } يقول : بـمشركي مـمالـيكِهم فـيـما رزقهم من الأموال والأزواج . { فَهُمْ فِـيهِ سَوَاءٌ } يقول : حتـى يستووا هم فـي ذلك وعبـيدهم ، يقول تعالـى ذكره : فهم لا يرضَون بأن يكونوا هم ومـمالـيكهم فـيـما رزقتهم سواء ، وقد جعلوا عبـيدي شركائي فـي ملكي وسلطانـي . وهذا مَثَل ضربه الله تعالـى ذكره للـمشركين بـالله . وقـيـل : إنـما عَنَى بذلك الذين قالوا : إن الـمسيح ابن الله من النصارى . وقوله : { أفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ } يقول تعالـى ذكره : أفبنعمة الله التـي أنعمها علـى هؤلاء الـمشركين من الرزق الذي رزقهم فـي الدنـيا يجحدون بإشراكهم غير الله من خـلقه فـي سلطانه ومُلكه ؟ وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ علـى بَعْضٍ فِـي الرّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضّلُوا بِرَادّي رِزْقِهِمْ عَلـى ما مَلَكَتْ أيـمَانُهُمْ } يقول : لـم يكونوا يشركون عبـيدهم فـي أموالهم ونسائهم ، فكيف يشركون عبـيدي معي فـي سلطانـي ؟ فذلك قوله : { أفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ } . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عبـاس : هذه الآية فـي شأن عيسى ابن مريـم ، يعنـي بذلك نفسه ، إنـما عيسى عبد ، فـيقول الله : والله ما تشركون عبـيدكم فـي الذي لكم فتكونوا أنتـم وهم سواء ، فكيف ترضَون لـي بـما لا ترضون لأنفسكم ؟ حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء وحدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله ، عن ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { بِرَادّي رِزْقِهِمْ عَلـى ما مَلَكَتْ أيـمَانُهُمْ } قال : مثل آلهة البـاطل مع الله تعالـى ذكره . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ علـى بَعْضٍ فِـي الرّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضّلُوا بِرَادّي رِزْقِهِمْ عَلـى ما مَلَكَتْ أيـمَانُهُمْ فَهُمْ فِـيهِ سَوَاءٌ أفَبِنَعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ } وهذا مثل ضربه الله ، فهل منكم من أحد شارك مـملوكه فـي زوجته وفـي فراشه فتعدلون بـالله خـلقه وعبـاده ؟ فإن لـم ترض لنفسك هذا ، فـالله أحقّ أن ينزّه منه من نفسك ، ولا تعدل بـالله أحداً من عبـاده وخـلقه . حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مـحمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { فَمَا الَّذِينَ فُضّلُوا بِرَادّي رِزْقِهِمْ علـى ما مَلَكَتْ أيـمَانُهُمْ } قال : هذا الذي فضل فـي الـمال والولد ، لا يشرك عبده فـي ماله وزوجته . يقول : قد رضيت بذلك لله ولـم ترض به لنفسك ، فجعلت لله شريكاً فـي ملكه وخـلقه .