Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 94-94)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : ولا تتـخذوا أيـمانكم بينكم دَخَلاً وخديعة بـينكم ، تَغُرّون بها الناس { فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها } يقول : فتهلكوا بعد أن كنتـم من الهلاك آمنـين . وإنـما هذا مثل لكلّ مبتلـي بعد عافـية ، أو ساقطٍ فـي ورطة بعد سلامة ، وما أشبه ذلك : « زلَّت قدمه » ، كما قال الشاعر : @ سيَـمْنَعُ منكَ السَّبْقُ إنْ كُنْتَ سابِقاً وتُلْطَعُ إنْ زَلَّتْ بكَ النَّعْلانِ @@ وقوله : { وَتَذُوقُوا السُّوءَ } يقول : وتذوقوا أنتـم السوء وذلك السوء هو عذاب الله الذي يعذّب به أهل معاصيه فـي الدنـيا ، وذلك بعض ما عذّب به أهل الكفر . { بِـمَا صَدَدْتُـمْ عَنْ سَبِـيـلِ اللَّهِ } يقول : بـما فَتنتـم من أراد الإيـمان بـالله ورسوله عن الإيـمان . { وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيـمٌ } فـي الآخرة ، وذلك نار جهنـم . وهذه الآية تدلّ علـى أن تأويـل برَيُدة الذي ذكرنا عنه فـي قوله : { وأوْفُوا بعَهْدِ اللَّهِ إذَا عاهَدْتُـمْ } والآيات التـي بعدها ، أنه عُنِـي بذلك : الذين بـايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم علـى الإسلام ، عن مفـارقة الإسلام لقلة أهله ، وكثرة أهل الشرك هو الصواب ، دون الذي قال مـجاهد أنهم عنوا به ، لأنه لـيس فـي انتقال قوم تـحالفوا عن حلفـائهم إلـى آخرين غيرهم صدّ عن سبـيـل الله ولا ضلال عن الهدى ، وقد وصف تعالـى ذكره فـي هذه الآية فـاعِلِـي ذلك أنهم بـاتـخاذهم الأيـمان دخلا بـينهم ونقضهم الأيـمان بعد توكيدها ، صادّون عن سبـيـل الله ، وأنهم أهل ضلال فـي التـي قبلها ، وهذه صفة أهل الكفر بـالله لا صفة أهل النُّقْلة بـالـحلف عن قوم إلـى قوم .