Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 43-44)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وهذا تنزيه من الله تعالـى ذكره نفسه عما وصفه به الـمشركون ، الـجاعلون معه آلهة غيره ، الـمضيفون إلـيه البنات ، فقال : تنزيها لله وعلوّا له عما تقولون أيها القوم ، من الفرية والكذب ، فإن ما تضيفون إلـيه من هذه الأمور لـيس من صفته ، ولا ينبغي أن يكون له صفة . كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { سُبْحانَهُ وَتَعالـى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِـيراً } يسبح نفسه إذ قـيـل علـيه البهتان . وقال تعالـى : { عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً } ولـم يقل : تعالـيا ، كما قال : { وَتَبَتَّلْ إلَـيْهِ تَبْتِـيلاً } كما قال الشاعر : @ أنْتَ الفِدَاءُ لكَعْبَةٍ هَدَّمْتَها ونَقَرْتَها بـيَدَيْكَ كُلَّ مَنَقَّرِ مُنِعَ الـحَمامُ مَقِـيـلَهُ مِنْ سَقْـفِها ومِنَ الـحَطِيـمِ فَطارَ كُلَّ مُطَيِّرِ @@ وقوله : { تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَواتُ السَّبْعُ والأرْضُ وَمَنْ فِـيهِنَّ } يقول : تنزّه الله أيها الـمشركون عما وصفتـموه به إعظاماً له وإجلالاً ، السموات السبع والأرض ، ومن فـيهنّ من الـمؤمنـين به من الـملائكة والإنس والـجنّ ، وأنتـم مع إنعامه علـيكم ، وجميـل أياديه عندكم ، تفترون علـيه بـما تَفْتَرون . وقوله : { وَإنْ مِنْ شَيْءٍ إلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ } يقول جلّ ثناؤه : وما من شيء من خـلقه إلا يسبح بحمده ، كما : حدثنـي به نصر بن عبد الرحمن الأَوْدِيّ ، قال : ثنا مـحمد بن يعلَـى ، عن موسى بن عبـيدة ، عن زيد بن أسلـم ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا أُخْبِرُكُمْ بِشَيْءٍ أمَرَ بِهِ نُوحٌ ابْنَهُ ؟ إنَّ نُوحاً قالَ لاِبْنِهِ يا بُنَـيَّ آمُرُكَ أنْ تَقُولَ سُبْحانَ اللّهِ وبِحَمْدِهِ فإنَّها صَلاةُ الـخَـلْقِ ، وَتَسْبِـيحُ الـخَـلْقِ ، وبِها تُرْزَقُ الـخَـلْقُ ، قالَ اللّهُ وَإنْ مِنْ شَيْءٍ إلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ " حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا عيسى بن عبـيد ، قال : سمعت عكرمة يقول : لا يَعِيبنّ أحدكم دابته ولا ثوبه ، فإن كلّ شيء يسبح بحمده . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا الـحسين ، عن يزيد ، عن عكرمة { وَإنْ مِنْ شَيْءٍ إلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ } قال : الشجرة تسبح ، والأُسْطوانة تسبح . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح وزيد بن حبـاب ، قالا : ثنا جرير أبو الـخطاب ، قال : كنا مع يزيد الرقاشي ومعه الـحسن فـي طعام ، فقدّموا الـخوان ، فقال يزيد الرقاشي : يا أبـا سعيد يسبح هذا الـخوان : فقال : كان يسبح مرّة . حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا هشيـم ، قال : أخبرنا جويبر ، عن الضحاك ، ويونس ، عن الـحسن أنهما قالا فـي قوله : { وَإنْ مِنْ شَيْءٍ إلاَّ يُسَبِّح بِحَمْدِهِ } قالا : كلّ شيء فـيه الروح . حدثنا مـحمد بن بشار ، قال : ثنا عبد الكبـير بن عبد الـمـجيد ، قال : ثنا سفـيان ، عن منصور ، عن إبراهيـم ، قال : الطعام يسبح . حدثنا ابن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مـحمد بن ثور ، عن معمر عن قتادة { وَإنْ مِنْ شَيْءٍ إلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ } قال : كلّ شيء فـيه الروح يسبح ، من شجر أو شيء فـيه الروح . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن عبد الله بن أبـيَ ، عن عبد الله بن عمرو ، أن الرجل إذا قال : لا إله إلا الله ، فهي كلـمة الإخلاص التـي لا يقبل الله من أحد عملاً حتـى يقولها ، فإذا قال الـحمد لله ، فهي كلـمة الشكر التـي لـم يشكر الله عبد قطّ حتـى يقولها : فإذا قال الله أكبر ، فهي تـملأ ما بـين السماء والأرض ، فإذا قال سبحان الله ، فهي صلاة الـخلائق التـي لـم يَدْعُ اللّهَ أحد من خـلقه إلا نوّره بـالصلاة والتسبـيح ، فإذا قال لا حول ولا قوّة إلا بـالله ، قال : أسلـم عبدي واستسلـم . وقوله : { ولَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِـيحَهُمْ } يقول تعالـى ذكره : ولكن لا تفقهون تسبـيح ما عدا تسبـيح من كان يسبح بـمثل ألسنتكم { إنَّهُ كانَ حَلِـيـماً } يقول : إن الله كان حلـيـماً لا يعجل علـى خـلقه ، الذين يخالفون أمره ، ويكفرون به ، ولولا ذلك لعاجل هؤلاء الـمشركين الذين يدعون معه الآلهة والأنداد بـالعقوبة { غَفُوراً } يقول : ساتراً علـيهم ذنوبهم ، إذا هم تابوا منها بـالعفو منه لهم ، كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { إنَّهُ كانَ حَلِـيـماً } عن خـلقه ، فلا يعجل كعجلة بعضهم علـى بعض { غَفُوراً } لهم إذا تابوا .