Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 46-46)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : وجعلنا علـى قلوب هؤلاء الذين لا يؤمنون بـالآخرة عند قراءتك علـيهم القرآن أكنة وهي جمع كِنان ، وذلك ما يتغشَّاها من خِذلان الله إياهم عن فهم ما يُتلـى علـيهم { وفِـي آذانِهمْ وَقْرا } يقول : وجعلنا فـي آذانهم وقراً عن سماعه ، وصمـماً . والوَقر بـالفتـح فـي الأذن : الثقل . والوِقر بـالكسر : الـحِمْل . وقوله : { وَإذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فـي القُرْآنِ وَحْدَهُ } يقول : وإذا قلت : لا إله إلا الله فـي القرآن وأنت تتلوه { وَلَّوْا علـى أدْبـارِهِمْ نُفُوراً } يقول : انفضوا ، فذهبوا عنك نفوراً من قولك استكبـاراً له واستعظاماً من أن يوحِّد الله تعالـى . وبـما قلنا فـي ذلك ، قال بعض أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَإذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِـي القُرآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا } وإن الـمسلـمين لـما قالوا : لا إله إلا الله ، أنكر ذلك الـمشركون وكبرت علـيهم ، فصافها إبلـيس وجنوده ، فأبى الله إلا أن يـمضيها وينصرها ويفلـجها ويظهرها علـى من ناوأها ، إنها كلـمة من خاصم بها فلـج ، ومن قاتل بها نُصِر ، إنـما يعرفها أهل هذه الـجزيرة من الـمسلـمين ، التـي يقطعها الراكب فـي لـيال قلائل ويسير الدهر فـي فِئام من الناس لا يعرفونها ولا يقرّون بها . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { وَإذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِـي القُرآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا علـى أدْبـارِهِمْ نُفُوراً } قال : بغضا لـما تكلـم به لئلا يسمعوه ، كما كان قوم نوح يجعلون أصابعهم فـي آذانهم لئلا يسمعوا ما يأمرهم به من الاستغفـار والتوبة ، ويستغشُون ثـيابهم ، قال : يـلتفون بثـيابهم ، ويجعلون أصابعهم فـي آذانهم لئلا يسمعوا ولا يُنظر إلـيهم . وقال آخرون : إنـما عُنِـي بقوله { وَلَّوْا علـى أدْبـارِهِمْ نُفُوراً } الشياطين ، وإنها تهرب من قراءة القرآن ، وذكر الله . ذكر من قال ذلك : حدثنـي الـحسين بن مـحمد الذارع ، قال : ثنا روح بن الـمسيب أبو رجاء الكلبـي ، قال : ثنا عمرو بن مالك ، عن أبـي الـجوزاء ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { وَإذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِـي القُرآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلـى أدْبـارِهِمْ نُفُوراً } هم الشياطين . والقول الذي قلنا فـي ذلك أشبه بـما دلّ علـيه ظاهر التنزيـل ، وذلك أن الله تعالـى أتبع ذلك قوله { وَإذَا قَرأتَ القُرآنَ جَعَلْنا بَـيْنَكَ وبـينَ الَّذِينَ لا يُؤمِنُونَ بـالآخِرِةِ حِجابـاً مَسْتُوراً } فأن يكون ذلك خبراً عنهم أولـى إذ كان بخبرهم متصلاً من أن يكون خبراً عمن لـم يجز له ذكر . وأما النفور ، فإنها جمع نافر ، كما القعود جمع قاعد ، والـجلوس جمع جالس وجائز أن يكون مصدراً أخرج من غير لفظه ، إذ كان قوله { وَلَّوْا } بـمعنى : نفروا ، فـيكون معنى الكلام : نفروا نفورا ، كما قال امرؤ القـيس : @ وَرُضْتُ فَذَلَّتْ صَعْبَةٌ أيَّ إذْلالِ @@ إذا كان رُضْت بـمعنى : أذللت ، فأخرج الإذلال من معناه ، لا من لفظه .