Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 59-59)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : وما منعنا يا مـحمد أن نرسل بـالآيات التـي سألها قومك ، إلا أن كان من قبلهم من الأمـم الـمكذّبة ، سألوا ذلك مثل سؤالهم فلـما أتاهم ما سألوا منه كذّبوا رسلهم ، فلـم يصدّقوا مع مـجيء الآيات ، فعوجلوا فلـم نرسل إلـى قومك بـالآيات ، لأنَّا لو أرسلنا بها إلـيها ، فكذّبوا بها ، سلكنا فـي تعجيـل العذاب لهم مسلك الأمـم قبلها . وبـالذي قلنا فـي ذلك ، قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد وابن وكيع ، قالا : ثنا جرير ، عن الأعمش ، عن جعفر بن أياس ، عن سعيد بن جبـير ، عن ابن عبـاس ، قال : سأل أهل مكة النبـيّ صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفـا ذهبـاً ، وأن ينـحي عنهم الـجبـال ، فـيزرعوا ، فقـيـل له : إن شئت أن نستأنـي بهم لعلنا نـجتنـي منهم ، وإن شئت أن نؤتـيهم الذي سألوا ، فإن كفروا أهلكوا كما أهلك من قبلهم ، قال : « بل تستأنـي بهم » ، فأنزل الله : { وَما مَنَعَنا أنْ نُرْسِلَ بـالآياتِ إلاَّ أنْ كَذَّبَ بِها الأوَّلُونَ وآتَـيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً } . حدثنـي إسحاق بن وهب ، قال : ثنا أبو عامر ، قال : ثنا مسعود بن عبـاد ، عن مالك بن دينار ، عن الـحسن فـي قول الله تعالـى { وَما مَنَعَنَا أنْ نُرْسِلَ بـالآياتِ إلاَّ أنْ كَذَّبَ بِها الأوَّلُونَ } قال : رحمة لكم أيتها الأمة ، إنا لو أرسلنا بـالآيات فكذّبتـم بها ، أصابكم ما أصاب من قبلكم . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن سعيد بن جبـير ، قال : قال الـمشركون لـمـحمد صلى الله عليه وسلم : يا مـحمد إنك تزعم أنه كان قبلك أنبـياء ، فمنهم من سخرت له الريح ، ومنهم من كان يحيـي الـموتـى ، فإن سرّك أن نؤمن بك ونصدّقك ، فـادع ربك أن يكون لنا الصفـا ذهبـا ، فأوحى الله إلـيه : إنـي قد سمعت الذي قالوا ، فإن شئت أن نفعل الذي قالوا ، فإن لـم يؤمنوا نزل العذاب ، فإنه لـيس بعد نزول الآية مناظرة ، وإن شئت أن تستأنـي قومك استأنـيت بها ، قال : « يا ربّ أستأنـي » . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَما مَنَعَنا أنْ نُرْسِلَ بـالآياتِ إلاَّ أنْ كَذَّبَ بِها الأوَّلُونَ } قال : قال أهل مكة لنبـيّ الله صلى الله عليه وسلم : إن كان ما تقول حقا ، ويسرّك أن نؤمن ، فحوّل لنا الصفـا ذهبـاً ، فأتاه جبرئيـل علـيه السلام ، فقال : إن شئت كان الذي سألك قومك ، ولكنه إن كان ثم لـم يؤمنوا لـم يناظروا ، وإن شئت استأنـيت بقومك ، قال : « بَلِ أسْتَأْنِـي بقَومْي » فأنزل الله : { وآتَـيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَـمُوا بِها } وأنزل الله عزّ وجلّ { ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أهْلَكْناها أفَهُمْ يُؤْمِنُونَ } حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، أنهم سألوا أن يحوّل الصفـا ذهبـا ، قال الله : { وَما مَنَعَنا أنْ نُرْسِلَ بـالآياتِ إلاَّ أنْ كَذَّبَ بِها الأوَّلُونَ } قال ابن جريج : لـم يأت قرية بآية فـيكذّبوا بها إلا عذّبوا ، فلو جعلت لهم الصفـا ذهبـاً ثم لـم يؤمنوا عذّبوا . و « أن » الأولـى التـي مع مَنَعَنا ، فـي موضع نصب بوقوع منعنا علـيها ، وأن الثانـية رفع ، لأن معنى الكلام : وما منعنا إرسال الآيات إلا تكذيب الأوّلـين من الأمـم ، فـالفعل لأن الثانـية .