Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 61-62)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم : واذكر يا مـحمد تـمادي هؤلاء الـمشركين فـي غيهم وارتدادهم عتوّاً علـى ربهم بتـخويفه إياهم تـحقـيقهم قول عدّوهم وعدوّ والدهم ، حين أمره ربه بـالسجود له فعصاه وأبى السجود له ، حسداً واستكبـاراً { لَئِنْ أخَّرْتَنِ إلـى يَوْمِ القِـيامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرّيَّتَه إلاَّ قَلِـيلاً } وكيف صدّقوا ظنه فـيهم ، وخالفوا أمر ربهم وطاعته ، واتبعوا أمر عدوّهم وعدوّ والدهم . ويعنـي بقوله { وَإذْ قُلْنا للْـمَلائِكَةِ } : واذكر إذ قلنا للـملائكة { اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إلاَّ إبْلِـيسَ } فإنه استكبر وقال { أأسْجُدَ لِـمَنْ خَـلَقْتَ طِيناً } يقول : لـمن خـلقته من طين فلـما حذفت « مِن » تعلَّق به قوله { خَـلَقْتَ } فنصب ، يفتـخر علـيه الـجاهل بأنه خُـلِق من نار ، وخـلق آدم من طين . كما : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد بن جبـير ، عن ابن عبـاس ، قال : بعث ربّ العزّة تبـارك وتعالـى إبلـيس ، فأخذ من أديـم الأرض ، من عذبها وملـحها ، فخـلق منه آدم ، فكل شيء خُـلق من عذبها فهو صائر إلـى السعادة وإن كان ابن كافرين ، وكلّ شيء خَـلقه من مِلـحها فهو صائر إلـى الشقاوة وإن كان ابن نبـيـين ومن ثم قال إبلـيس { أأسْجُدُ لِـمَنْ خَـلَقْتَ طِيناً } : أي هذه الطينة أنا جئت بها ، ومن ثم سُمّي آدم . لأنه خُـلق من أديـم الأرض . وقوله : { أرَأيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلـيَّ } يقول تعالـى ذكره : أرأيت هذا الذي كرّمته علـيّ ، فأمرتنـي بـالسجود له ، ويعنـي بذلك آدم { لئِنْ أخرتَّنِ } أقسم عدوّ الله ، فقال لربه : لئن أخرت إهلاكي إلـى يوم القـيامة { لأَحْتَنِكَنَّ ذُرّيَّتَهُ إلاَّ قَلِـيلاً } يقول : لأستولـينّ علـيهم ، ولأستأصلنهم ، ولأستـميـلنهم . يقال منه : احتنك فلان ما عند فلان من مال أو علـم أو غير ذلك ، ومنه قول الشاعر : @ نَشْكُو إلَـيْكَ سَنَةً قَدْ أجْحَفَتْ جَهْداً إلـى جَهْدٍ بنا فأضْعَفَتْ واحْتَنَكَتْ أمْوَالَنا وجَلَّفَتْ @@ وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك ، قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قول الله تبـارك وتعالـى { لأَحْتَنِكَنَّ ذُرّيَّتَهُ إلاَّ قَلِـيلاً } قال : لأحتوينهم . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ . عن ابن عبـاس ، قوله { لأَحْتَنِكَنَّ ذُرّيَّتَهُ إلاَّ قَلِـيلاً } يقول : لأستولـينّ . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله { لأَحْتَنِكَنَّ ذُرّيَّتَهُ إلاَّ قلـيلاً } قال : لأضلنهم . وهذه الألفـاظ وإن اختلفت فإنها متقاربـات الـمعنى ، لأن الاستـيلاء والاحتواء بـمعنى واحد ، وإذا استولـى علـيهم فقد أضلهم .