Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 43-44)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : ولـم يكن لصاحب هاتـين الـجنتـين فِئَة ، وهم الـجماعة كما قال العَجَّاج : @ كمَا يَحُوزُّ الفِئَةُ الكَمِيّ @@ وبنـحو ما قلنا فـي ذلك ، قال أهل التأويـل ، وإن خالف بعضهم فـي العبـارة عنه عبـارتنا ، فإن معناهم نظير معنانا فـيه . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى « ح » وحدثنـي الـحرث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قول الله عزّ وجلّ : { وَلَـمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللّهِ } قال : عشيرته . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { ولَـمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللّهِ } : أي جند ينصرونه . وقوله : { يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللّهِ } يقول : يـمنعونه من عقاب الله وعذاب الله إذا عاقبه وعذّبه . وقوله { وَما كانَ مُنْتَصِراً } يقول : ولـم يكن مـمتنعاً من عذاب الله إذا عذّبه ، كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَما كانَ مُنْتَصِراً } : أي مـمتنعاً . وقوله : { هُنالكَ الوَلايَةُ لِلّهِ الـحَقِّ } يقول عزّ ذكره : ثم وذلك حين حلّ عذاب الله بصاحب الـجنتـين فـي القـيامة . واختلفت القرّاء فـي قراءة قوله : الولاية ، فقرأ بعض أهل الـمدينة والبصرة والكوفة { هُنالكَ الوَلايَةُ } بفتـح الواو من الولاية ، يعنون بذلك هنالك الـمُوالاة لله ، كقول الله : { اللَّهُ وَلِـيُّ الَّذِينَ آمَنُوا } وكقوله : { ذلكَ بأنَّ اللّهَ مَوْلَـى الَّذِينَ آمَنُوا } يذهبون بها إلـى الوَلاية فـي الدين . وقرأ ذلك عامَّة قرّاء الكوفة : « هُنالِكَ الوِلايَةُ » بكسر الواو : من الـمُلك والسلطان ، من قول القائل : وَلِـيتُ عمل كذا ، أو بلدة كذا ألـيه ولاية . وأولـى القراءتـين فـي ذلك بـالصواب ، قراءة من قرأ بكسر الواو ، وذلك أن الله عقب ذلك خبره عن مُلكه وسلطانه ، وأن من أحلّ به نقمته يوم القـيامة فلا ناصر له يومئذٍ ، فإتبـاع ذلك الـخبر عن انفراده بـالـمـملكة والسلطان أولـى من الـخبر عن الـموالاة التـي لـم يجر لها ذكر ولا معنى ، لقول من قال : لا يسمَّى سلطان الله ولاية ، وإنـما يسمى ذلك سلطان البشر ، لأن الولاية معناها أنه يـلـي أمر خـلقه منفردا به دون جميع خـلقه ، لا أنه يكون أميراً علـيهم . واختلفوا أيضاً فـي قراءة قوله { الـحَقِّ } فقرأ ذلك عامَّة قرّاء الـمدينة والعراق خفضاً ، علـى توجيهه إلـى أنه من نعت الله ، وإلـى أن معنى الكلام : هنالك الولاية لله الـحقّ ألوهية ، لا البـاطل بطول ألوهيته التـي يدعونها الـمشركون بـالله آلهة . وقرأ ذلك بعض أهل البصرة وبعض متأخري الكوفـيـين : « لِلّهِ الـحَقُّ » برفع الـحقّ توجيها منهما إلـى أنه من نعت الولاية ، ومعناه : هنالك الولاية الـحقّ ، لا البـاطل لله وحده لا شريك له . وأولـى القراءتـين عندي فـي ذلك بـالصواب ، قراءة من قرأه خفضاً علـى أنه من نعت الله ، وأن معناه ما وصفت علـى قراءة من قرأه كذلك . وقوله : { هُوَ خَيْرٌ ثَوَابـاً } يقول عزّ ذكره : خير للـمنـيبـين فـي العاجل والآجل ثوابـاً { وخَيْرٌ عُقْبـاً } يقول : وخيرهم عاقبة فـي الآجل إذا صار إلـيه الـمطيع له ، العامل بـما أمره الله ، والـمنتهى عما نهاه الله عنه . والعقب هو العاقبة ، يقال : عاقبة أمر كذا وعُقْبـاه وعُقُبه ، وذلك آخره وما يصير إلـيه منتهاه . وقد اختلف القرّاء فـي قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الكوفة { عُقْبـاً } بضم العين وتسكين القاف . والقول فـي ذلك عندنا . أنهما قراءتان مستفـيضتان فـي قرأة الأمصار بـمعنى واحد ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب .