Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 52-53)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول عزّ ذكره { وَيَوْمَ يَقُولُ } الله عزّ ذكره للـمشركين به الآلهة والأنداد { نادُوا شُرَكائيَ الَذِينَ زَعَمْتُـمْ } يقول لهم : ادعوا الذين كنتـم تزعمون أنهم شركائي فـي العبـادة لـينصروكم ويـمنعوكم منـي { فَدَعَوهُمْ فَلَـمْ يَسْتَـجِيبُوا لَهُمْ } يقول : فـاستغاثوا بهم فلـم يغيثوهم { وجَعَلْنا بَـيْنَهُمْ مَوْبِقاً } . فـاختلف أهل التأويـل فـي معنى ذلك ، فقال بعضهم : معناه : وجعلنا بـين هؤلاء الـمشركين وما كانوا يدعون من دون الله شركاء فـي الدنـيا يومئذٍ عداوة . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عبد الله بن بزيع ، قال : ثنا بشر بن الـمفضل ، عن عوف ، عن الـحسن ، فـي قول الله : { وَجَعَلْنا بَـيْنَهُمْ مَوْبِقاً } قال : جعل بـينهم عداوة يوم القـيامة . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عثمان بن عمر ، عن عوف ، عن الـحسن { وَجَعَلْنا بَـيْنَهُمْ مَوْبِقاً } قال : عداوة . وقال آخرون : معناه : وجعلنا فعلهم ذلك لهم مَهْلِكا . ذكر من قال ذلك : حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وَجَعَلْنا بَـيْنَهُمْ مَوْبِقاً } قال : مَهْلِكاً . حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، فـي قوله : { مَوْبِقاً } قال : هلاكاً . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله { وَجَعَلْنا بَـيْنَهُمْ مَوْبِقاً } قال : الـموبق : الـمهلك ، الذي أهلك بعضهم بعضا فـيه ، أوبق بعضهم بعضا . وقرأ { وَجَعَلْنا لِـمَهْلِكِهمْ مَوْعِداً } حُدثت عن مـحمد بن يزيد ، عن جويبر ، عن الضحاك { مَوْبِقاً } قال : هلاكاً . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن عَرْفَجة ، فـي قوله { وَجَعَلْنا بَـيْنَهُمْ مَوْبِقاً } قال : مهلكاً . وقال آخرون : هو اسم واد فـي جهنـم . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا ابن أبـي عديّ ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أبـي أيوب ، عن عمرو البكّالـيّ : { وَجَعَلْنا بَـيْنَهُمْ مَوْبِقاً } قال : واد عميق فُصِل به بـين أهل الضلالة وأهل الهدى ، وأهل الـجنة ، وأهل النار . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَجَعَلْنا بَـيْنَهُمْ مَوْبِقاً } ذكر لنا أن عَمراً البكَالـي حدّث عن عبد الله بن عمرو ، قال : هو واد عميق فُرق به يوم القـيامة بـين أهل الهدى وأهل الضلالة . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عمر بن عبـيد ، عن الـحجاج بن أرطاة ، قال : قال مـجاهد { وَجَعَلْنا بَـيْنَهُمْ مَوْبِقاً } قال : واديا فـي النار . حدثنا مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى « ح » وحدثنـي الـحرث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { وَجَعَلْنا بَـيْنَهُمْ مَوْبِقاً } قال : واديا فـي جهنـم . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنـي مـحمد بن سنان القزاز ، قال : ثنا عبد الصمد ، قال : ثنا يزيد بن درهم ، قال : سمعت أنس بن مالك يقول فـي قول الله عزّ وجلّ { وَجَعَلْنا بَـيْنَهُمْ مَوْبِقاً } قال : واد فـي جهنـم من قـيح ودم . وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب ، القول الذي ذكرناه عن ابن عبـاس ، ومن وافقه فـي تأويـل الـموبق : أنه الـمهلك ، وذلك أن العرب تقول فـي كلامها : قد أوبقت فلاناً : إذا أهلكته . ومنه قول الله عزّ وجلّ : { أوْ يُوبِقْهُنَّ بِـمَا كَسَبُوا } بـمعنى : يهلكهنّ . ويقال للـمهلك نفسه : قد وبق فلان فهو يوبق وبقا . ولغة بنـي عامر : يابق بغير همز . وحُكي عن تـميـم أنها تقول : يبـيق . وقد حُكي وبق يبق وبوقا ، حكاها الكسائي . وكان بعض أهل العلـم بكلام العرب من أهل البصرة يقول : الـموبق : الوعد ، ويستشهد لقـيـله ذلك بقول الشاعر : @ وحادَ شَرَوْرَى فـالسَّتارَ فَلَـمْ يَدَعْ تِعاراً لَهُ والوَادِيَـيْنِ بِـمَوْبِقِ @@ ويتأوّله بموعد . وجائز أن يكون ذلك الـمهلك الذي جعل الله جلّ ثناؤه بـين هؤلاء الـمشركين ، هو الوادي الذي ذكر عن عبد الله بن عمرو ، وجائز أن يكون العداوة التـي قالها الـحسن . وقوله : { وَرَأى الـمُـجْرِمُونَ النَّارَ } يقول : وعاين الـمشركون النار يومئذٍ { فَظَنُّوا أنَّهُمْ مُوَاقعُوها } يقول : فعلـموا أنهم داخـلوها ، كما : حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، فـي قوله : { فَظَنُّوا أنَّهُمْ مُوَاقعُوها } قال : علـموا . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنـي عمرو بن الـحارث ، عن درّاج ، عن أبـي الهيثم عن أبـي سعيد الـخدريّ ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " إنَّ الكافرَ يَرَى جَهَنَّـمَ فَـيَظُنُّ أنَّها مُوَاقعَتُهُ مِنْ مَسيرَةِ أرْبَعينَ سَنَةَ " وقوله : { ولَـمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفـاً } يقول : ولـم يجدوا عن النار التـي رأوا معدلاً يعدلون عنها إلـيه . يقول : لـم يجدوا من مواقعتها بدّا ، لأن الله قد حتـم علـيهم ذلك . ومن الـمصرف بـمعنى الـمعدل قول أبـي كبـير الهذلـيّ :