Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 59-59)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : وتلك القُرى من عاد وثمود وأصحاب الأيكة أهلكنا أهلها لـما ظلـموا ، فكفروا بـالله وآياته ، { وَجَعَلْنا لِـمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً } يعنـي ميقاتاً وأجلاً ، حين بلغوه جاءهم عذاب فأهلكناهم به ، يقول : فكذلك جعلنا لهؤلاء الـمشركين من قومك يا مـحمد الذين لا يؤمنون بك أبداً موعداً ، إذا جاءهم ذلك الـموعد أهلكناهم سنتنا فـي الذين خـلوا من قبلهم من ضربـائهم كما : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى « ح » وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { لِـمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً } قال : أجلاً . حدثنا القاسم ، قال : ثنـي الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد ، مثله . واختلفت القرّاء فـي قراءة قوله { لِـمَهْلِكِهِمْ } فقرأ ذلك عامَّة قرّاء الـحجاز والعراق : « لِـمُهْلِكِهمْ » بضمّ الـميـم وفتـح اللام علـى توجيه ذلك إلـى أنه مصدر من أهلكوا إهلاكاً . وقرأه عاصم : « لِـمَهْلَكِهِمْ » بفتـح الـميـم واللام علـى توجيهه إلـى الـمصدر من هلكوا هلاكاً ومهلكاً . وأولـى القراءتـين بـالصواب عندي فـي ذلك قراءة من قرأه : « لـمُهْلَكِهِمْ » بضمّ الـميـم وفتـح اللام لإجماع الـحجة من القرّاء علـيه ، واستدلالاً بقوله : { وَتِلْكَ القُرَى أهْلَكْناهُمْ } فأن يكون الـمصدر من أهلكنا ، إذ كان قد تقدّم قبله أولـى . وقـيـل : أهلكناهم ، وقد قال قبل : { وَتلكَ القُرَى } ، لأن الهلاك إنـما حلّ بأهل القرى ، فعاد إلـى الـمعنى ، وأجرى الكلام علـيه دون اللفظ . وقال بعض نـحويـي البصرة : قال : { وَتَلْكَ القُرَى أهْلَكْناهُمْ لَـمَّا ظَلَـمُوا } يعنـي أهلها ، كما قال : { وَاسْئَلِ القَرْيَةِ } ولـم يجيء بلفظ القرى ، ولكن أجرى اللفظ علـى القوم ، وأجرى اللفظ فـي القرية علـيها إلـى قوله { التـي كُنَّا فِـيها } ، وقال : { أهْلكْناهُمْ } ولـم يقل : أهلكناها ، حمله علـى القوم ، كما قال : جاءت تـميـم ، وجعل الفعل لبنـي تـميـم ، ولـم يجعله لتـميـم ، ولو فعل ذلك لقال : جاء تـميـم ، وهذا لا يحُسن فـي نـحو هذا ، لأنه قد أراد غير تـميـم فـي نـحو هذا الـموضع ، فجعله اسماً ، ولـم يحتـمل إذا اعتلّ أن يحذف ما قبله كله معنى التاء من جاءت مع بنـي تـميـم ، وترك الفعل علـى ما كان لـيعلـم أنه قد حذف شيئاً قبل تـميـم . وقال بعضهم : إنـما جاز أن يقال : تلك القرى أهلكناهم ، لأن القرية قامت مقام الأهل ، فجاز أن ترد علـى الأهل مرة وعلـيها مرّة ، ولا يجوز ذلك فـي تـميـم ، لأن القبـيـلة تعرف به ولـيس تـميـم هو القبـيـلة ، وإنـما عرفت القبـيـلة به ، ولو كانت القبـيـلة قد سميت بـالرجل لـجرت علـيه ، كما تقول : وقعت فـي هود ، تريد فـي سورة هود ولـيس هود اسماً للسورة وإنـما عرفت السورة به ، فلو سميت السورة بهود لـم يجر ، فقلت : وقعت فـي هود يا هذا ، فلـم يجر ، وكذلك لو سمي بنـي تـميـم تـميـما لقـيـل : هذه تـميـم قد أقبلت ، فتأويـل الكلام : وتلك القرى أهلكناهم لـما ظلـموا ، وجعلنا لإهلاكهم موعداً .