Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 81-82)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : واتـخذ يا مـحمد هؤلاء الـمشركون من قومك آلهة يعبدونها من دون الله ، لتكون هؤلاء الآلهة لهم عزّاً ، يـمنعونهم من عذاب الله ، ويتـخذون عبـادتهموها عند الله زُلْفَـى . وقوله : { كَلاّ } يقول عزّ ذكره : لـيس الأمر كما ظنوا وأمَّلُوا من هذه الآلهة التـي يعبدونها من دون الله ، فـي أنها تنقذهم من عذاب الله ، وتنـجيهم منه ، ومن سوء إن أراده بهم ربُّهم . وقوله : { سَيَكْفُرُونَ بِعِبـادَتِهِمْ } يقول عزّ ذكره : ولكن سيكفر الآلهة فـي الآخرة بعبـادة هؤلاء الـمشركين يوم القـيامة إياها ، وكفرهم بها قـيـلهم لربهم : تبرأنا إلـيك ما كانوا إيانا يعبدون ، فجحدوا أن يكونوا عبدوهم أو أمروهم بذلك ، وتبرّأوا منهم ، وذلك كفرهم بعبـادتهم . وأما قوله : { وَيَكُونُونَ عَلَـيْهِمْ ضِدّاً } فإن أهل التأويـل اختلفوا فـي تأويـله ، فقال بعضهم : معنى ذلك : وتكون آلهتهم علـيهم عوناً ، وقالوا : الضدّ : العون . ذكر من قال ذلك : حدثنا علـيّ ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله { وَيَكُونُونَ عَلَـيْهِمْ ضِدّاً } يقول : أعواناً . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى « ح » وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد { وَيَكُونُونَ عَلَـيْهِمْ ضِدّاً } قال : عونا علـيهم تـخاصمهم وتكذّبهم . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد { وَيَكُونُونَ عَلَـيْهِمْ ضِدّاً } قال : أوثانهم يوم القـيامة فـي النار . وقال آخرون : بل عنى بـالضدّ فـي هذا الـموضع : القُرَناء . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله { وَيَكُونُونَ عَلَـيْهِمْ ضِدّاً } يقول : يكونون علـيهم قرناء . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَيَكُونُونَ عَلَـيْهِمْ ضِدّاً } قرناء فـي النار ، يـلعن بعضهم بعضا ، ويتبرأ بعضهم من بعض . حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، فـي قوله { ضِدّاً } قال : قرناء فـي النار . وقال آخرون : معنى الضدّ ههنا : العدوّ . ذكر من قال ذلك : حُدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا مُعاذ يقول : أخبرنا عبـيد ، قال : سمعت الضحاك يقول فـي قوله { وَيَكُونُونَ عَلَـيْهِمْ ضِدّاً } قال : أعداء . وقال آخرون : معنى الضدّ فـي هذا الـموضع : البلاء . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { وَيَكُونُونَ عَلَـيْهِمْ ضِدّاً } قال : يكونون علـيهم بلاء . الضدّ : البلاء ، والضدّ فـي كلام العرب : هو الـخلاف ، يقال : فلان يضادّ فلاناً فـي كذا ، إذا كان يخالفه فـي صنـيعه ، فـيفسد ما أصلـحه ، ويصلـح ما أفسده ، وإذ كان ذلك معناه ، وكانت آلهة هؤلاء الـمشركين الذين ذكرهم الله فـي هذا الـموضع يتبرّؤون منهم ، وينتفعون يومئذٍ ، صاروا لهم أضداداً ، فوصفوا بذلك . وقد اختلف أهل العربـية فـي وجه توحيد الضدّ ، وهو صفة لـجماعة . فكان بعض نـحويِّـي البصرة يقول : وحد لأنه يكون جماعة ، وواحداً مثل الرصد والأرصاد . قال : ويكون الرَّصَد أيضاً لـجماعة . وقال بعض نـحويـي الكوفة وحَّد ، لأن معناه عوناً ، وذكر أن أبـا نهيك كان يقرأ ذلك ، كما : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا عبد الـمؤمن ، قال : سمعت أبـا نهيك الأزدي يقرأ : { كَلاَّ سَيَكْفُرُون } يعنـي الآلهة كلها أنهم سيكفرون بعبـادتهم .