Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 105-107)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : ويسألك يا مـحمد قومك عن الـجبـال ، فقل لهم : يذريها ربـي تذرية ، ويطيرها بقلعها واستئصالها من أصولها ، ودكّ بعضها علـى بعض ، وتصيـيره إياها هبـاء منبثاً { فَـيَذَرُها قاعاً صَفْصَفـاً } يقول تعالـى ذكره : فـيدع أماكنها من الأرض إذا نسفها نسفـاً ، قاعاً : يعنـي : أرضا ملساء ، صفصفـاً : يعنـي مستوياً لا نبـات فـيه ، ولا نشز ، ولا ارتفـاع . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { قاعاً صَفْصَفـاً } يقول : مستوياً لا نبـات فـيه . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله { فَـيَذَرُها قاعاً صَفْصَفـاً } قال : مستوياً ، الصفصف : الـمستوى . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا عبد الله بن يوسف ، قال : ثنا عبد الله بن لهيعة ، قال : ثنا أبو الأسود ، عن عروة ، قال : كنا قعوداً عند عبد الـملك حين قال كعب : إن الصخرة موضع قدم الرحمن يوم القـيامة ، فقال : كذب كعب ، إنـما الصخرة جبل من الـجبـال ، إن الله يقول : { وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الـجِبـالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبّـي نَسْفـاً } فسكت عبد الـملك . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { صَفْصَفـاً } قال : مستوياً . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد ، مثله . قال أبو جعفر : وكان بعض أهل العلـم بلغات العرب من أهل الكوفة يقول : القاع : مستنقع الـماء ، والصفصف : الذي لا نبـات فـيه . وقوله : { لا تَرَى فِـيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً } يقول : لا ترى فـي الأرض عوجاً ولا أمتاً . واختلف أهل التأويـل فـي معنى العوج والأمت ، فقال بعضهم : عنى بـالعوج فـي هذا الـموضع : الأودية ، وبـالأمت : الروابـي والنشوز . ذكر من قال ذلك : حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله { لا تَرَى فِـيها عِوَجاً وَلا أمْتاً } يقول : وادياً ، ولا أمتاً : يقول : رابـية . حدثنـي مـحمد بن عبد الله الـمخرمي ، قال : ثنا أبو عامر العقدي ، عن عبد الواحد بن صفوان مولـى عثمان ، قال : سمعت عكرمة ، قال : سئل ابن عبـاس ، عن قوله { لا تَرَى فِـيها عِوَجاً وَلا أمْتاً } قال : هي الأرض البـيضاء ، أو قال : الـملساء التـي لـيس فـيها لبنة مرتفعة . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد { لا تَرَى فِـيهَا عِوَجاً وَلا أمْتاً } قال : ارتفـاعاً ، ولا انـخفـاضاً . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله { لا تَرَى فِـيها عِوَجاً وَلا أمْتاً } قال : لا تعاديَ ، الأمت : التعادي . وقال آخرون : بل عنى بـالعوج فـي هذا الـموضع : الصدوع ، وبـالأمت : الارتفـاع من الآكام وأشبـاهها . ذكر من قال ذلك : حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قَتادة ، فـي قوله : { لا تَرَى فِـيها عِوَجاً } قال : صدعاً { وَلا أمْتاً } يقول : ولا أكمة . وقال آخرون : عنى بـالعوج : الـميـل ، وبـالأمت : الأثر . ذكر من قال ذلك : حدثني مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { لا تَرَى فِـيها عِوَجاً وَلا أمْتاً } يقول : لا ترى فـيها ميلاً ، والأمت : الأثر مثل الشراك . وقال آخرون : الأمت : الـمـحانـي والأحداب . ذكر من قال ذلك : حدثنا بِشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قال : الأمت : الـحدب . قال أبو جعفر : وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب قول من قال : عنى بـالعوج : الـميـل ، وذلك أن ذلك هو الـمعروف فـي كلام العرب . فإن قال قائل : وهل فـي الأرض الـيوم من عوج ، فـيقال : لا ترى فـيها يومئذٍ عوجاً . قـيـل : إن معنى ذلك : لـيس فـيها أودية وموانع تـمنع الناظر أو السائر فـيها عن الأخذ علـى الاستقامة ، كما يحتاج الـيوم من أخذ فـي بعض سبلها إلـى الأخذ أحيانا يـميناً ، وأحياناً شمالاً ، لـما فـيها من الـجبـال والأودية والبحار . وأما الأمت فإنه عند العرب : الانثناء والضعف . مسموع منهم : مدّ حبله حتـى ما ترك فـيه أمتا : أي انثناء وملأ سقاءه حتـى ما ترك فـيه أمتاً ومنه قول الراجز : @ ما فِـي انْـجذَابِ سَيْرِهِ مِنْ أمْتِ @@ يعنـي : من وهن وضعف ، فـالواجب إذا كان ذلك معنى الأمت عندهم أن يكون أصوب الأقوال فـي تأويـله : ولا ارتفـاع ولا انـخفـاض ، لأن الانـخفـاض لـم يكن إلاَّ عن ارتفـاع . فإذا كان ذلك كذلك ، فتأويـل الكلام : لا ترى فـيها ميلاً عن الاستواء ، ولا ارتفـاعاً ، ولا انـخفـاضاً ، ولكنها مستوية ملساء ، كما قال جلّ ثناؤه : { قاعاً صَفْصَفـاً } .