Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 39-39)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : ولقد مننا علـيك يا موسى مرّة أخرى حين أوحينا إلـى أمك ، أن اقذفـي ابنك موسى حين ولدتك فـي التابوت { فـاقْذِفِـيهِ فِـي الـيَـمّ } يعنـي بـالـيـم : النـيـل { فَلْـيُـلْقِهِ الـيَـمُّ بـالساحِلِ } يقول : فـاقذفـيه فـي الـيـم ، يـلقه الـيـم بـالساحل ، وهو جزاء أخرج مخرج الأمر ، كأن الـيـم هو الـمأمور ، كما قال جلّ ثناؤه : { اتَّبِعُوا سَبِـيـلَنَا ولْنَـحْمِلْ خَطَاياكُمْ } يعنـي : اتبعوا سبـيـلنا نـحمل عنكم خطاياكم ، ففعلت ذلك أمه به فألقاه الـيـم بـمَشْرَعة آل فرعون ، كما : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، قال : لـما ولدت موسى أمه أرضعته ، حتـى إذا أمر فرعون بقتل الولدان من سنته تلك عمدت إلـيه ، فصنعت به ما أمرها الله تعالـى ، جعلته فـي تابوت صغير ، ومهدت له فـيه ، ثم عمدت إلـى النـيـل فقذفته فـيه ، وأصبح فرعون فـي مـجلس له كان يجلسه علـى شفـير النـيـل كلّ غداة ، فبـينا هو جالس ، إذ مرّ النـيـل بـالتابوت فقذف به وآسية ابنة مُزَاحم امرأته جالسة إلـى جنبه ، فقال : إن هذا لشيء فـي البحر ، فأتونـي به ، فخرج إلـيه أعوانه حتـى جاءوا به ، ففتـح التابوت فإذا فـيه صبـيّ فـي مهده ، فألقـى الله علـيه مـحبته ، وعطف علـيه نفسه . وعنى جلّ ثناؤه بقوله : { يأْخُذْهُ عَدُوّ لـي وَعَدُوّ لَهُ } فرعون وهو العدوّ ، كان لله ولـموسى . حدثنا موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ ، فـي قوله : { فـاقْذِفِـيهِ فِـي الـيَـمّ } وهو البحر ، وهو النـيـل . واختلف أهل التأويـل فـي معنى الـمـحبة التـي قال الله جلّ ثناؤه { وألْقَـيْتُ عَلَـيْكَ مَـحَبَّةً مِنِّـي } فقال بعضهم : عنى بذلك أنه حببه إلـى عبـاده . ذكر من قال ذلك : حدثنـي الـحسين بن علـيّ الصدائي والعبـاس بن مـحمد الدوري ، قالا : ثنا حسين الـجعفـي عن موسى بن قبس الـحضرمي ، عن سلـمة بن كهيـل ، فـي قول الله : { وألْقَـيْتُ عَلَـيْكَ مَـحَبَّةً منِّـي } قال عبـاس : حببتك إلـى عبـادي وقال الصُّدَائي : حببتك إلـى خـلقـي . وقال آخرون : بل معنى ذلك : أي حسنت خـلقك . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي إبراهيـم بن مهدي ، عن رجل ، عن الـحكم بن أبـان ، عن عكرمة ، قوله : { وألْقَـيْتُ عَلَـيْكَ مَـحَبَّةً منِّـي } قال : حسناً وملاحة . قال أبو جعفر : والذي هو أولـى بـالصواب من القول فـي ذلك أن يقال : إن الله ألقـى مـحبته علـى موسى ، كما قال جلّ ثناؤه { وألْقَـيْتَ عَلَـيْكَ مَـحَبَّةً مِنِّـي } فحببه إلـى آسية امرأة فرعون ، حتـى تبنَّته وغذّته وربَّته ، وإلـى فرعون ، حتـى كفّ عنه عاديته وشرّه . وقد قـيـل : إنـما قـيـل : وألقـيت علـيك مـحبة منـي ، لأنه حببه إلـى كل من رآه . ومعنى { ألْقَـيْتُ عَلَـيْكَ مَـحَبَّةً مِنِّـي } حببتك إلـيهم يقول الرجل لآخر إذا أحبه : ألقـيت علـيك رحمتـي : أي مـحبتـي .