Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 77-77)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : { وَلَقَدْ أوْحَيْنا إلـى } نبـينا { مُوسَى } إذ تابعنا له الـحجج علـى فرعون ، فأبى أن يستـجيب لأمر ربه ، وطغى وتـمادى فـي طغيانه { أنْ أسْرِ } لـيلاً { بِعبـادِي } يعنـي بعبـادي من بنـي إسرائيـل { فـاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِـي البَحْرِ يَبَساً } يقول : فـاتـخذ لهم فـي البحر طريقاً يابساً . والـيَبَس والـيَبْس : يجمع أيبـاس ، تقول : وقـفوا فـي أيبـاس من الأرض . والـيَبْس الـمخفف : يجمع يبوس . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك ، قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله { يَبَساً } قال : يابساً . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيْج ، عن مـجاهد ، مثله . وأما قوله : { لا تَـخافُ دَرَكاً وَلا تَـخْشَى } فإنه يعنـي : لا تـخاف من فرعون وجنوده أن يدركوك من ورائك ، ولا تـخشى غرقاً من بـين يديك ووَحَلاً . وبنـحو الذي قلنا فـي تأويـل ذلك ، قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { لا تـخافُ دَرَكاً وَلا تَـخْشَى } يقول : { لا تـخافُ } من آل فرعون { دَرَكاً وَلا تَـخْشِى } مِنَ البَحْرِ غرقاً . حدثنا بِشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { لا تَـخافُ دَرَكاً وَلا تَـخْشَى } يقول : لا تـخاف أن يدركك فرعون من بعدك ولا تـخشى الغرق أمامك . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، قال : قال ابن جُرَيْج : قال أصحاب موسى : هذا فرعون قد أدركنا ، وهذا البحر قد غشينا ، فأنزل الله : { لا تَـخافُ دَرَكاً } أصحاب فرعون { وَلا تَـخْشَى } من البحر وحلاً . حدثنـي أحمد بن الولـيد الرملـي ، قال : ثنا عمرو بن عون ، قال : ثنا هشيـم ، عن بعض أصحابه ، فـي قوله : { لا تَـخافُ دَرَكاً وَلا تَـخْشَى } قال : الوَحَل . واختلفت القرّاء فـي قراءة قوله { لا تَـخافُ دَرَكاً } فقرأته عامَّة قرّاء الأمصار غير الأعمش وحمزة : { لا تَـخافُ دَرَكاً } علـى الاستئناف بلا ، كما قال : { وَاصْطَبِرْ عَلَـيْها لا نَسألُكَ رِزْقاً } فرفع ، وأكثر ما جاء فـي هذا الأمر الـجواب مع « لا » . وقرأ ذلك الأعمش وحمزة « لا تَـخَفْ دَرَكاً » فجزما لا تـخاف علـى الـجزاء ، ورفعا { وَلا تَـخْشَى } علـى الاستئناف ، كما قال جلّ ثناؤه : { يُوَلُّوكُمُ الأدْبـارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ } فـاستأنف بثم ، ولو نوى بقوله : { ولاَ تَـخْشَى } الـجزم ، وفـيه الـياء ، كان جائزاً ، كما قال الراجز : @ هُزّي إلَـيْكِ الـجِذْعَ يَجْنِـيكِ الـجَنى @@ وأعجب القراءتـين إلـيّ أن أقرأ بها : { لا تـخافُ } علـى وجه الرفع ، لأن ذلك أفصح اللغتـين ، وإن كانت الأخرى جائزة . وكان بعض نـحويـي البصرة يقول : معنى قوله : { لا تَـخافُ دَرَكاً } اضرب لهم طريقاً لا تـخاف فـيه دركاً ، قال : وحذف فـيه ، كما تقول : زيد أكرمت ، وأنت تريد : أكرمته ، وكما تقول : { وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَـجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً } أي لا تـجزى فـيه . وأما نـحويو الكوفة فإنهم ينكرون حذف فـيه إلا فـي الـمواقـيت ، لأنه يصلـح فـيها أن يقال : قمت الـيوم وفـي الـيوم ، ولا يجيزون ذلك فـي الأسماء .