Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 106-107)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : إن فـي هذا القرآن الذي أنزلناه علـى نبـينا مـحمد صلى الله عليه وسلم ، لبلاغاً لـمن عبد الله بـما فـيه من الفرائض التـي فرضها الله ، إلـى رضوانه وإدراك الطَّلِبة عنده . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم ، قال : ثنا ابن عُلَـية ، عن الـجَريريّ ، عن أبـي الوَرْد بن ثُمامة ، عن أبـي مـحمد الـحضرميّ ، قال : ثنا كعب فـي هذا الـمسجد ، قال : والذي نفس كعب بـيده { إنّ فـي هَذَا لبَلاغا لقَوْمٍ عَابِدِينَ } إنهم لأهل أو أصحاب الصلوات الـخمس ، سماهم الله عابدين . حدثنا الـحسين بن يزيد الطحان ، قال : ثنا ابن عُلَـية ، عن سعيد بن إياس الـجريريّ ، عن أبـي الوَرْد عن كعب ، فـي قوله : { إنَّ فِـي هَذَا لَبَلاغا لِقَوْمٍ عابِدِينَ } قال : صوم شهر رمضان ، وصلاة الـخمس ، قال : هي ملء الـيدين والبحر عبـادة . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا مـحمد بن الـحسين ، عن الـجريريّ ، قال : قال كعب الأحبـار : { إنَّ فِـي هَذَا لَبَلاغا لِقَوْمٍ عابِدِينَ } لأمة مـحمد . حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { إنَّ فِـي هَذَا لَبَلاغا لِقَوْمٍ عابِدِينَ } يقول : عاملـين . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قوله : { إنَّ فِـي هَذَا لَبَلاغا لِقَوْمٍ عابِدِينَ } قال : يقولون فـي هذه السورة لبلاغاً . ويقول آخرون : فـي القرآن تنزيـل لفرائض الصلوات الـخمس ، من أداها كان بلاغاً لقوم عابدين ، قال : عاملـين . حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { إنَّ فِـي هَذَا لَبَلاغا لِقَوْمٍ عابِدِينَ } قال : إن فـي هذا لـمنفعة وعلـماً لقوم عابدين ذاك البلاغ . وقوله : { وَما أرْسَلْناكَ إلاَّ رَحْمَةً للْعَالَـمِينَ } يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم : وما أرسلناك يا مـحمد إلـى خـلقنا إلا رحمة لـمن أرسلناك إلـيه من خـلقـي . ثم اختلف أهل التأويـل فـي معنى هذه الآية ، أجميع العالـم الذي أرسل إلـيهم مـحمد أُريد بها مؤمنهم وكافرهم ؟ أم أريد بها أهل الإيـمان خاصة دون أهل الكفر ؟ فقال بعضهم : عُنـي بها جميع العالـم الـمؤمن والكافر . ذكر من قال ذلك : حدثنـي إسحاق بن شاهين ، قال : ثنا إسحاق بن يوسف الأزرق ، عن الـمسعوديّ ، عن رجل يقال له سعيد ، عن سعيد بن جُبـير ، عن ابن عبـاس ، فـي قول الله فـي كتابه : { وَما أرْسَلْناكَ إلاَّ رَحْمَةً للْعَالَـمِينَ } قال : من آمن بـالله والـيوم الآخر كُتب له الرحمة فـي الدنـيا والآخرة ، ومن لـم يؤمن بـالله ورسوله عُوفِـيَ مـما أصاب الأمـم من الـخَسْف والقذف . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا عيسى بن يونس ، عن الـمسعوديّ ، عن أبـي سعيد ، عن سعيد جُبـير ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { وَما أرْسَلْناكَ إلاَّ رَحْمَةً للْعَالَـمِينَ } قال : تـمت الرحمة لـمن آمن به فـي الدنـيا والآخرة ، ومن لـم يؤمن به عُوفـيَ مـما أصاب الأمـم قبل . وقال آخرون : بل أريد بها أهل الإيـمان دون أهل الكفر . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { وَما أرْسَلْناكَ إلاَّ رَحْمَةً للْعَالَـمِينَ } قال : العالـمون : من آمن به وصدّقه . قال : { وَإنْ أدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إلـى حِينِ } قال : فهو لهؤلاء فتنة ولهؤلاء رحمة ، وقد جاء الأمر مـجملاً رحمة للعالـمين . والعالَـمون ههنا : من آمن به وصدّقه وأطاعه . وأولـى القولـين فـي ذلك بـالصواب القول الذي رُوي عن ابن عبـاس ، وهو أن الله أرسل نبـيه مـحمداً صلى الله عليه وسلم رحمة لـجميع العالـم ، مؤمنهم وكافرهم . فأما مؤمنهم فإن الله هداه به ، وأدخـله بـالإيـمان به وبـالعمل بـما جاء من عند الله الـجنة . وأما كافرهم فإنه دفع به عنه عاجل البلاء الذي كان ينزل بـالأمـم الـمكذّبة رسلها من قبله .