Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 57-58)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ذكر أن إبراهيـم صلوات الله علـيه حلف بهذه الـيـمين فـي سرّ من قومه وخفـاء ، وأنه لـم يسمع ذلك منه إلا الذي أفشاه علـيه حين قالوا : من فعل هذا بآلهتنا إنه لـمن الظالـمين ، فقالوا : سمعنا فتـى يذكرهم يقال له إبراهيـم . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قول الله : { وَتاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أصْنامَكُمْ } قال : قول إبراهيـم حين استتبعه قومه إلـى عيد لهم فأبى وقال : إنـي سقـيـم ، فسمع منه وعيد أصنامهم رجل منهم استأخر ، وهو الذي يقول : { سَمِعْنا فَتـى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لهُ إبْرَاهِيـمُ } حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة ، قوله : { وَتاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أصْنامَكُمْ } قال : نرى أنه قال ذلك حيث لـم يسمعوه بعد أن تولَّوا مدبرين . وقوله : { فَجَعَلَهُمْ جُذَاذا إلاَّ كَبِـيراً لَهُمْ } اختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الأمصار سوى يحيى بن وثاب والأعمش والكسائي : « فَجَعَلَهُمْ جِذَاذا » بـمعنى جمع جذيذ ، كأنهم أرادوا به جمع جذيذ وجِذاذ ، كما يجمع الـخفـيف خِفـاف ، والكريـم كِرام . وأولـى القراءتـين فـي ذلك عندنا بـالصواب قراءة من قرأه : { جُذَاذاً } بضمّ الـجيـم ، لإجماع قرّاء الأمصار علـيه ، وأن ما أجمعت علـيه فهو الصواب وهو إذا قرىء كذلك مصدرٌ مثل الرُّفـات ، والفُتات ، والدُّقاق لا واحد له ، وأما من كسر الـجيـم فإنه جمع للـجذيذ ، والـجذيذ : هو فعيـل صُرِف من مـجذوذ إلـيه ، مثل كسير وهشيـم ، والـمـجذوذة : الـمكسورة قِطَعاً . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { فجَعَلَهُمْ جُذَاذاً } يقول : حُطاماً . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { جُذَاذاً } كالصَّريـم . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة ، قوله : { فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً } : أي قطعاً . وكان سبب فعل إبراهيـم صلوات الله علـيه بآلهة قومه ذلك ، كما : حدثنا موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط عن السديّ : أن إبراهيـم قال له أبوه : يا إبراهيـم إن لنا عيداً لو قد خرجت معنا إلـيه قد أعجبك ديننا فلـما كان يوم العيد ، فخرجوا إلـيه ، خرج معهم إبراهيـم ، فلـما كان ببعض الطريق ألقـى نفسه وقال : إنـي سقـيـم ، يقول : أشتكى رجلـي . فتواطئوا رجلـيه وهو صريع فلـما مضوا نادى فـي آخرهم ، وقد بقـي ضَعْفَـي الناس : { وَتاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أصْنامَكُمْ بَعْدَ أنْ تُوَلُّوْا مُدْبِرِينَ } فسمعوها منه . ثم رجع إبراهيـم إلـى بـيت الآلهة ، فإذا هنّ فـي بهو عظيـم ، مستقبل بـاب البهو صنـم عظيـم إلـى جنبه أصغر منه بعضها إلـى بعض ، كل صنـم يـلـيه أصغر منه ، حتـى بلغوا بـاب البهو ، وإذا هم قد جعلوا طعاماً ، فوضعوه بـين أيدي الآلهة ، قالوا : إذا كان حين نرجع رجعنا وقد بـاركت الآلهة فـي طعامنا فأكَلْنا . فلـما نظر إلـيهم إبراهيـم وإلـى ما بـين أيديهم من الطعام قالَ { ألا تَأْكُلُونَ } ؟ فلـما لـم تـجبه ، قال : { ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ فَرَاغَ عَلَـيْهِمْ ضَرْبـا بـالْـيَـمِينِ } فأخذ فأس حديد ، فنقر كلّ صنـم فـي حافتـيه ، ثم علقَّ الفأس فـي عنق الصنـم الأكبر ، ثم خرج . فلـما جاء القوم إلـى طعامهم نظروا إلـى آلهتهم { قالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنا إنَّهُ لِـمِنَ الظَّالِـمِينَ قالُوا سَمِعْنا فَتًـى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إبْرَاهِيـمُ } وقوله : { إلاَّ كَبِـيرا لَهُمْ } يقول : إلا عظيـما للآلهة ، فإن إبراهيـم لـم يكسره ، ولكنه فـيـما ذكر علق الفأس فـي عنقه . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج : { إلاَّ كَبِـيرا لَهُمْ } قال : قال ابن عبـاس : إلا عظيـما لهم عظيـم آلهتهم . قال ابن جُرَيْج ، وقال مـجاهد : وجعل إبراهيـم الفأس التـي أهلك أصنامهم مُسْندة إلـى صدر كبـيرهم الذي تَرَك . حدثنا مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قال : جعل إبراهيـم الفأس التـي أهلك بها أصنامهم مسندة إلـى صدر كبـيرهم الذي ترك . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، قال : أقبل علـيهنّ كما قال الله تبـارك وتعالـى ضَرْبـا بـالـيَـمِينِ ثم جعل يكسرهنّ بفأس فـي يده ، حتـى إذا بقـي أعظم صنـم منها ربط الفأس بـيده ، ثم تركهنّ . فلـما رجع قومه ، رأوا ما صنع بأصنامهم ، فراعهم ذلك وأعظموه وقالوا : من فعل هذا بآلهتنا إنه لـمن الظالـمين . وقوله { لَعَلَّهُمْ إلَـيْهِ يَرْجِعُونَ } يقول : فعل ذلك إبراهيـم بآلهتهم ليعتبروا ويعلـموا أنها إذا لـم تدفع عن نفسها ما فعل بها إبراهيـم ، فهي من أن تدفع عن غيرها من أراده بسوء أبعد ، فـيرجعوا عما هم علـيه مقـيـمون من عبـادتها إلـى ما هو علـيه من دينه وتوحيد الله والبراءة من الأوثان . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة : { لَعَلَّهُمْ إلَـيْهِ يَرْجِعُونَ } قال : كادهم بذلك لعلهم يتذكرون أو يبصرون .