Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 88-88)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : { فـاسَتْـجَبْنَا } لـيونس دعاءه إيانا ، إذ دعانا فـي بطن الـحوت ، ونـجيناه من الغمّ الذي كان فـيه بحبْسناه فـي بطن الـحوت وغمه بخطيئته وذنبه { وكذَلكَ نُنْـجِي الـمُؤْمِنِـينَ } يقول جلّ ثناؤه : وكما أنـجينا يونس من كرب الـحبس فـي بطن الـحوت فـي البحر إذ دعانا ، كذلك ننـجي الـمؤمنـين من كربهم إذا استغاثوا بنا ودعونا . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك جاء الأثر . ذكر من قال ذلك : حدثنا عمران بن بكار الكُلاعيّ ، قال : ثنا يحيى بن صالح قال : ثنا أبو يحيى بن عبد الرحمن ، قال : ثنـي بشر بن منصور ، عن علـيّ بن زيد ، عن سعيد بن الـمسيب ، قال : سمعت سعد بن مالك يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " اسْمُ اللَّهِ الَّذِي إذَا دُعِيَ بِهِ أجابَ وَإذَا سُئلَ بِهِ أعْطَى ، دَعْوَةُ يُونُسَ بْنِ مَتَّـى " قال : فقلت : يا رسول الله ، هي لـيونس بن متـى خاصة أم لـجماعة الـمسلـمين ؟ قالَ : " هيَ لِـيُونُسَ بْنِ مَتَّـى خاصَّةً ، وللْـمُؤْمِنِـينَ عامَّةً إذَا دَعَوْا بِها ألَـمْ تَسْمَعْ قَوْلَ اللَّهِ تَبـارَكَ وَتَعالـى { فَنادَى فِـي الظُّلُـماتِ أنْ لا إلَهَ إلاَّ أنْتَ سُبْحانَكَ إنّـي كُنْتُ مِنَ الظَّالِـمِينَ فـاسْتَـجَبْنا لَهُ وَنّـجيَّنْاهُ مِنَ الغَمِّ وكَذلكَ نُنْـجِي الـمُؤْمنـينَ } ؟ فهو شرط الله لـمن دعاه بها " واختلفت القرّاء فـي قراءة قوله : { نُنْـجِي الـمُؤْمِنِـينَ } فقرأت ذلك قرّاء الأمصار ، سوى عاصم ، بنونـين الثانـية منهما ساكنة ، من أنـجيناه ، فنـحن ننـجيه . وإنـما قرءوا ذلك كذلك وكتابته فـي الـمصاحف بنون واحدة ، لأنه لو قرىء بنون واحدة وتشديد الـجيـم ، بـمعنى ما لـم يسمّ فـاعله ، كان « الـمؤمنون » رفعاً ، وهم فـي الـمصاحف منصوبون ، ولو قرىء بنون واحدة وتـخفـيف الـجيـم ، كان الفعل للـمؤمنـين وكانوا رفعاً ، ووجب مع ذلك أن يكون قوله « نـجى » مكتوبـاً بـالألف ، لأنه من ذوات الواو ، وهو فـي الـمصاحف بـالـياء . فإن قال قائل : فكيف كتب ذلك بنون واحد ، وقد علـمت أن حكم ذلك إذا قرىء : { نُنْـجِي } أن يُكتب بنونـين ؟ قـيـل : لأن النون الثانـية لـما سكنت وكان الساكن غير ظاهر علـى اللسان حذفت كما فعلو ذلك ب « إلاّ » ، فحذفوا النون من « إنْ » لـخفـائها ، إذ كانت مندغمة فـي اللام من « لا » . وقرأ ذلك عاصم : « نُـجِّي الـمُؤمِنِـينَ » بنون واحدة ، وتثقـيـل الـجيـم ، وتسكين الـياء . فإن يكن عاصم وجه قراءته ذلك إلـى قول العرب : ضرب الضرب زيداً ، فكنى عن المصدر الذي هو النـجاء ، وجعل الخبر أعنـي خبر ما لـم يسمّ فـاعله الـمؤمنـين ، كأنه أراد : وكذلك نُـجّي النّـجاءُ المؤمنين ، فكنى عن النـجاء فهو وجه ، وإن كان غيره أصوب ، وإلا فإن الذي قرأ من ذلك علـى ما قرأه لـحنّ ، لأن الـمؤمنـين اسم علـى القراءة التـي قرأها ما لـم يسمّ فـاعله ، والعرب ترفع ما كان من الأسماء كذلك . وإنـما حمل عاصماً علـى هذه القراءة أنه وجد الـمصاحف بنون واحدة وكان فـي قراءته إياه علـى ما علـيه قراءة القرّاء إلـحاق نون أخرى ليست فـي المصحف ، فظنَّ أن ذلك زيادة ما لـيس فـي المصحف ، ولم يعرف لـحذفها وجهاً يصرفه إلـيه . قال أبو جعفر : والصواب من القراءة التـي لا أستـجيز غيرها فـي ذلك عندنا ما علـيه قرّاء الأمصار ، من قراءته بنونـين وتـخفـيف الـجيـم ، لإجماع الـحجة من القرّاء علـيها وتـخطئتها خلافه .