Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 11-11)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعني جلّ ذكره بقوله : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُد اللَّهَ عَلـى حَرْفٍ } أعرابـاً كانوا يقدمون علـى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مهاجرين من بـاديتهم ، فإن نالوا رخاء من عيش بعد الهجرة والدخول فـي الإسلام أقاموا علـى الإسلام ، وإلا ارتدّوا علـى أعقابهم فقال الله : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ } علـى شكّ ، { فإنْ أصابهُ خير اطمأنَّ بهِ } وهو السعة من العيش وما يشبهه من أسبـاب الدنـيا { اطْمَأَنَ بِهِ } يقول : استقرّ بـالإسلام وثبت علـيه . { وَإنْ أصَابَتْهُ فِتْنَةٌ } وهو الضيق بـالعيش وما يشبهه من أسبـاب الدنـيا { انْقَلَبَ عَلـى وَجْهِهِ } يقول : ارتدّ فـانقلب علـى وجهه الذي كان علـيه من الكفر بـالله . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلـى حَرْفٍ … } إلـى قوله : { انْقَلَبَ عَلـى وَجْهِهِ } قال : الفتنة البلاء ، كان أحدهم إذا قدم الـمدينة وهي أرض وبـيئة ، فإن صحّ بها جسمه ونُتِـجت فرسه مُهراً حسناً وولدت امرأته غلاماً رضي به واطمأنّ إلـيه وقال : ما أصبت منذ كنت علـي دينـي هذا إلا خيراً وإن أصابه وجع الـمدينة وولدت امرأته جارية وتأخرت عنه الصدقة ، أتاه الشيطان فقال : والله ما أصبت منذ كنت علـى دينك هذا إلا شرًّا وذلك الفتنة . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، قال : ثنا عنبسة ، عن أبي بكر ، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن القاسم بن أبـي بَزَّة ، عن مـجاهد فـي قول الله : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلـى حَرْفٍ } قال : علـى شكّ . حدثني مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { عَلـى حَرْفٍ } قال : علـى شكّ . { فإنْ أصابهُ خيرٌ } رَخاء وعافـية { اطمأنَّ بهِ } : استقرّ . { وإن أصَابَتْه فِتْنَةٌ } عذاب ومصيبة { انْقَلَبَ } ارتدّ { عَلـى وَجْهِهِ } كافراً . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد ، بنـحوه . قال ابن جُرَيج : كان ناس من قبـائل العرب ومـمن حولهم من أهل القرى يقولون : نأتـي مـحمداً صلى الله عليه وسلم ، فإن صادفنا خيراً من معيشة الرزق ثبتنا معه ، وإلا لـحقنا بأهلنا . حدثنا ابن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مـحمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلـى حَرْفٍ } قال : شك . { فإنْ أصابَهُ خَيْرٌ } يقول : أكثر ماله وكثرت ماشيته اطمأنّ قال : لـم يصبنـي فـي دينـي هذا منذ دخـلته إلا خير { وَإنْ أصَابَتْهُ فِتْنَةٌ } يقول : وإن ذهب ماله ، وذهبت ماشيته { انْقَلَبَ على وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنيْا والآخِرَةَ } . حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قَتادة ، نـحوه . حُدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : ثنا عبـيد ، قال : سمعت الضحاك يقول فـي قوله : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلـى حَرْفٍ } الآية ، كان ناس من قبـائل العرب ومـمن حول الـمدينة من القرى كانوا يقولون : نأتـي مـحمداً صلى الله عليه وسلم فننظر فـي شأنه ، فإن صادفنا خيراً ثبتنا معه ، وإلا لـحقنا بـمنازلنا وأهلـينا . وكانوا يأتونه فـيقولون : نـحن علـى دينك فإن أصابوا معيشة ونَتَـجُوا خيـلهم وولدت نساؤهم الغلـمان ، اطمأنوا وقالوا : هذا دين صدق وإن تأخر عنهم الرزق وأزلقت خيولهم وولدت نساؤهم البنات ، قالوا : هذا دين سَوْء فـانقلبوا علـى وجوههم . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلـى حَرْفٍ فإنْ أصَابَهُ خَيْرٌ اطْمأَنَّ بِهِ وَإنْ أصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلـى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنـيْا والآخِرَةَ } قال : هذا الـمنافق ، إن صلـحت له دنـياه أقام علـى العبـادة ، وإن فسدت علـيه دنـياه وتغيرت انقلب ، ولا يقـيـم علـى العبـادة إلا لـما صَلَـح من دنـياه . وإذا أصابته شدّة أو فتنة أو اختبـار أو ضيق ، ترك دينه ورجع إلـى الكفر . وقوله : { خَسِرَ الدُّنـيا والآخِرَةَ } يقول : غَبِن هذا الذي وصف جلّ ثناؤه صفته دنـياه لأنه لـم يظفر بحاجته منها بـما كان من عبـادته الله علـى الشك ، ووضع فـي تـجارته فلـم يربح { والآخِرَةَ } يقول : وخسر الآخرة ، فإنه معذّب فـيها بنار الله الـموقدة . وقوله : { ذلكَ هُوَ الـخُسْرَانُ الـمُبِـينُ } يقول : وخسارته الدنـيا والآخرة هي الـخسران ، يعنـي الهلاك . { الـمُبِـينُ } يقول : يبـين لـمن فكَّر فـيه وتدبره أنه قد خسر الدنـيا والآخرة . واختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك ، فقرأته قرّاء الأمصار جميعا غير حميد الأعرج : { خَسِرَ الدنـيا والآخِرَةَ } علـى وجه الـمضيّ . وقرأه حميد الأعرج : « خاسِراً » نصبـاً علـى الـحال علـى مثال فـاعل .