Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 17-17)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : إن الفصل بـين هؤلاء الـمنافقـين الذين يعبدون الله علـى حرف ، والذين أشركوا بـالله فعبدوا الأوثان والأصنام ، والذين هادوا ، وهم الـيهود والصابئين والنصارى والـمـجوس الذي عظموا النـيران وخدموها ، وبـين الذين آمنوا بـالله ورسله إلـى الله ، وسيفصل بـينهم يوم القـيامة بعدل من القضاء وفصله بـينهم إدخاله النار الأحزاب كلهم والـجنة الـمؤمنـين به وبرسله فذلك هو الفصل من الله بـينهم … وكان قَتادة يقول فـي ذلك ، ما : حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قَتادة ، فـي قوله : { إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابئِينَ والنَّصَارَى والـمَـجُوسَ وَالَّذِينَ أشْرَكُوا } قال : الصابئون : قوم يعبدون الـملائكة ، ويصلّون للقبلة ، ويقرءون الزبور . والـمـجوس : يعبدون الشمس والقمر والنـيران . والذين أشركوا : يعبدون الأوثان . والأديان ستة : خمسة للشيطان ، وواحد للرحمن . وأدخـلت « إنّ » فـي خبر « إنّ » الأولـى لـما ذكرت من الـمعنى ، وأن الكلام بـمعنى الـجزاء ، كأنه قـيـل : من كان علـى دين من هذه الأديان ففصل ما بـينه وبـين من خالفه علـى الله . والعرب تدخـل أحياناً فـي خبر « إنّ » « إنَّ » إذا كان خبر الاسم الأوّل فـي اسم مضاف إلـى ذكره ، فتقول : إنّ عبد الله إنّ الـخير عنده لكثـير ، كما قال الشاعر . @ إنَّ الـخَـلِـيفَةَ إنَّ اللَّهَ سَرْبَلَهُ سِرْبـالَ مُلْكٍ بِهِ تُرْجَى الـخَوَاتِـيـمُ @@ وكان الفرّاء يقول : من قال هذا لـم يقل : إنك إنك قائم ، ولا إن إياك إنه قائم لأن الاسمين قد اختلفـا ، فحسن رفض الأوّل ، وجعل الثانـي كأنه هو الـمبتدأ ، فحسن للاختلاف وقبح للاتفـاق … وقوله : { إنَّ اللَّهَ عَلـى كُلّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } يقول : إن الله علـى كل شيء من أعمال هؤلاء الأصناف الذين ذكرهم الله جلّ ثناؤه ، وغير ذلك من الأشياء كلها شهيد لا يخفـى عنه شيء من ذلك القول في تأويل قوله تعالى : يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم : ألـم تر يا مـحمد بقلبك ، فتعلـم أن الله يسجد له من فـي السموات من الـملائكة ، ومن فـي الأرض من الـخـلق من الـجنّ وغيرهم ، والشمس والقمر والنـجوم فـي السماء ، والـجبـال ، والشجر ، والدوابّ فـي الأرض وسجود ذلك ظلاله حين تطلع علـيه الشمس وحين تزول إذا تـحوّل ظلّ كل شيء فهو سجوده . كما : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد ، قوله : { ألَـمْ تَرَ أنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِـي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِـي الأرْضِ والشَّمْسُ والقَمَرُ والنُّـجُومُ والـجِبـالُ والشَّجَرُ والدَّوَابُّ } قال : ظلال هذا كله . وأما سجود الشمس والقمر والنـجوم ، فإنه كما : حدثنا به ابن بشار ، قال : ثنا ابن أبـي عديّ ومـحمد بن جعفر ، قالا : ثنا عوف ، قال : سمعت أبـا العالـية الرياحي يقول : ما فـي السماء نـجم ولا شمس ولا قمر إلا يقع لله ساجداً حين يغيب ، ثم لا ينصرف حتـى يؤذن له فـيأخذ ذات الـيـمين وزاد مـحمد : حتـى يرجع إلـى مطلعه . وقوله : { وكَثـيرٌ منَ النَّاسِ } يقول : ويسجد كثـير من بنـي آدم ، وهم الـمؤمنون بـالله . كما : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد : { وكَثِـيرٌ مِنَ النَّاسِ } قال : الـمؤمنون . وقوله : { وكَثِـيرٌ حَقَّ عَلَـيْهِ العَذَابُ } يقول تعالـى ذكره : وكثـير من بنـي آدم حق علـيه عذاب الله فوجب علـيه بكفره به ، وهو مع ذلك يسجد لله ظله . كما : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد : { وكَثِـيرٌ حَقَّ عَلَـيْهِ العَذَابُ } وهو يسجد مع ظله . فعلـى هذا التأويـل الذي ذكرناه عن مـجاهد ، وقع قوله : { وكَثِـيرٌ حَقَّ عَلَـيْهِ العَذَابُ } بـالعطف علـى قوله : { وكَثِـيرٌ مِنَ النَّاسِ } ويكون داخلاً فـي عداد من وصفه الله بـالسجود له ، ويكون قوله : { حَقَّ عَلَـيْهِ العَذَابُ } من صلة « كثـير » ، ولو كان « الكثـير » الثانـي مـمن لـم يدخـل فـي عداد من وصفه بـالسجود كان مرفوعا بـالعائد من ذكره فـي قوله : حَقَّ عَلَـيْهِ العَذَابُ وكان معنى الكلام حينئذٍ : وكثـير أبى السجود ، لأن قوله : { حَقَّ عَلَـيْهِ العَذَابُ } يدلّ علـى معصية الله وإبـائه السجود ، فـاستـحقّ بذلك العذاب .