Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 33-33)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اختلف أهل التأويـل فـي معنى الـمنافع التـي ذكر الله فـي هذه الآية وأخبر عبـاده أنها إلـى أجل مسمى ، علـى نـحو اختلافهم فـي معنى الشعائر التـي ذكرها جلّ ثناؤه فـي قوله : { وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فإنَّهَا مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ } فقال الذين قالوا عنـي بـالشعائر البدن . معنى ذلك : لكم أيها الناس فـي البدن منافع . ثم اختلف أيضاً الذين قالوا هذه الـمقالة فـي الـحال التـي لهم فـيها منافع ، وفـي الأجل الذي قال عزّ ذكره : { إلـى أجَلٍ مُسَمًّى } فقال بعضهم : الـحال التـي أخبر الله جلّ ثناؤه أن لهم فـيها منافع ، هي الـحال التـي لـم يوجبها صاحبها ولـم يسمها بدنة ولـم يقلِّدْها . قالوا : ومنافعها فـي هذه الـحال : شرب ألبـانها ، وركوب ظهورها ، وما يرزقهم الله من نتاجها وأولادها . قالوا : والأجل الـمسمى الذي أخبر جلّ ثناؤه أن ذلك لعبـاده الـمؤمنين منها إليه ، هو إلـى إيجابهم إياها ، فإذا أوجبوها بطل ذلك ولـم يكن لهم من ذلك شيء . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا يحيى بن عيسى ، عن ابن أبـي لـيـلـى ، عن الـحكم ، عن مقسم ، عن ابن عبـاس فـي : { لَكُمْ فِـيها مَنَافِعُ إلـى أجَلٍ مُسَمًّى } قال : ما لـم يُسَمَّ بُدْناً . حدثنا عبد الـحميد بن بـيان ، قال : أخبرنا إسحاق بن يوسف ، عن سفـيان ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد فـي قوله : { لَكُمْ فِـيها مَنَافِعُ إلـى أجَلٍ مُسَمًّى } قال : الركوب واللبن والولد ، فإذا سميت بدنة أو هدياً ذهب كله . حدثنا مـحمد بن الـمثنى ، قال : ثنا مـحمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن الـحكم ، عن مـجاهد ، فـي هذه الآية : { لَكُمْ فِـيها مَنَافِعُ إلـى أجَلٍ مُسَمًّى } قال : لكم فـي ظهورها وألبـانها وأوبـارها ، حتـى تصير بُدْناً . قال : ثنا ابن عديّ ، قال : ثنا شعبة ، عن الـحكم ، عن مـجاهد ، بـمثله . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن عنبسة ، عن ابن أبـي نـجيح ، ولـيث عن مـجاهد : { لَكُمْ فِـيها مَنَافِعُ إلـى أجَلٍ مُسَمًّى } قال : فـي أشعارها وأوبـارها وألبـانها ، قبل أن تسميها بدنة . قال : ثنا هارون بن الـمغيرة ، عن عنبسة ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { لَكُمْ فِـيها مَنَافِعُ إلـى أجَلٍ مُسَمًّى } قال : فـي البدن لـحومها وألبـانها وأشعارها وأوبـارها وأصوافها قبل أن تسمى هدياً . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد ، مثله ، وزاد فـيه : وهي الأجل الـمسمى . حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا هشيـم ، قال : أخبرنا حجاج ، عن عطاء أنه قال فـي قوله : { لَكُمْ فِـيها مَنَافِعُ إلـى أجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَـحِلُّها إلى البَيْت العَتِـيق } قال : منافع فـي ألبـانها وظهورها وأوبـارها ، { إلـى أجَلٍ مُسَمًّى } : إلـى أن تقلد . حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا هشيـم ، قال : أخبرنا جويبر ، عن الضحاك ، مثل ذلك . حدثنـي يعقوب ، قال : قال ابن علـية : سمعت ابن أبـي نـجيح يقول فـي قوله : { لَكُمْ فِـيها مَنافعُ إلـى أجَلٍ مُسَمًّى } قال : إلـى أن تُوجِبها بَدَنة . قال : ثنا ابن علـية ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن قَتادة : { لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إلـى أجَلٍ مُسَمًّى } يقول : فـي ظهورها وألبـانها ، فإذا قلدت فمـحلها إلـى البـيت العتـيق . وقال آخرون مـمن قال الشعائر البدن فـي قوله : { وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ الله فإنَّها مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ } والهاء فـي قوله : { لَكُمْ فِـيها } من ذكر الشعائر ، ومعنى قوله : { لَكُمْ فِـيها مَنافعُ } لكم فـي الشعائر إلتى تعظمونها لله منافع بعد اتـخاذكموها لله بدناً أو هدايا ، بأن تركبوا ظهورها إذا احتـجتـم إلـى ذلك ، وتشربوا ألبـانها إن اضطررتـم إلـيها . قالوا : والأجل الـمسمى الذي قال جلّ ثناؤه : { إلـى أجَل مُسَمًّى } إلـى أن تنـحر . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن عنبسة ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن عطاء : { لَكُمْ فِـيها مَنافِعُ إلـى أجَلٍ مُسَمًّى } قال : هو ركوب البدن ، وشرب لبنها إن احتاج . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال عطاء بن أبـي ربـاح فـي قوله : { لَكُمْ فِـيها مَنافِعُ إلـى أجَلٍ مُسَمًّى } قال : إلـى أن تنـحر ، قال : له أن يحمل علـيها الـمُعِيْـي والـمنقطع به من الضرورة ، كان النبـيّ صلى الله عليه وسلم يأمر بـالبدنة إذا احتاج إلـيها سيدها أن يحمل علـيها ويركب عند منهوكه . قلت لعطاء : ما ؟ قال : الرجل الراجل ، والـمنقطع به ، والـمتبع وإن نتـجت ، أن يحمل علـيها ولدها ، ولا يشرب من لبنها إلا فضلاً عن ولدها ، فإن كان فـي لبنها فضل فلـيشرب من أهداها ومن لـم يهدها . وأما الذين قالوا : معنى الشعائر فـي قوله : { وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ الله } : شعائر الـحجّ ، وهي الأماكن التـي يُنْسك عندها لله ، فإنهم اختلفوا أيضاً فـي معنى الـمنافع التـي قال الله : { لَكُمْ فِـيها مَنافِعُ } فقال بعضهم : معنى ذلك : لكم فـي هذه الشعائر التـي تعظمونها منافع بتـجارتكم عندها وبـيعكم وشرائكم بحضرتها وتسوّقكم . والأجل الـمسمى : الـخروج من الشعائر إلـى غيرها ومن الـمواضع التـي ينسك عندها إلـى ما سواها فـي قول بعضهم . حدثنـي الـحسن بن علـيّ الصُّدائَي ، قال : ثنا أبو أسامة عن سلـيـمان الضبـي ، عن عاصم بن أبـي النَّـجود ، عن أبـي رزين ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { لَكُمْ فِـيها مَنافِعُ } قال : أسواقهم ، فإنه لـم يذكر منافع إلا للدنـيا . حدثنـي مـحمد بن الـمثنى ، قال : ثنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا داود بن أبـي هند ، عن مـحمد بن أبـي موسى ، قوله : { لَكُمْ فِـيها مَنافعُ إلـى أجَلٍ مُسَمًّى } قال : والأجل الـمسمى : الـخروج منه إلـى غيره . وقال آخرون منهم : الـمنافع التـي ذكرها الله فـي هذا الـموضع : العمل لله بـما أمر من مناسك الـحجّ . قالوا : والأجل الـمسمَّى : هو انقضاء أيام الـحجّ التـي يُنْسَك لله فـيهنّ . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { لَكُمْ فِـيها مَنافِعُ إلـى أجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَـحِلُّها إلـى الَبْـيتَ العَتِـيق } فقرأ قول الله : { وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ الله فإنَّها مِنْ تَقْوَى القُلُوب } لكم فـي تلك الشعائر منافع إلـى أجل مسمى ، إذا ذهبت تلك الأيام لـم تر أحداً يأتـي عرفة يقـف فـيها يبتغي الأجر ، ولا الـمزدلفة ، ولا رمي الـجمار ، وقد ضربوا من البلدان لهذه الأيام التـي فـيها الـمنافع ، وإنـما منافعها إلـى تلك الأيام ، وهي الأجل الـمسمى ، ثم مـحلّها حين تنقضي تلك الأيام إلـى البـيت العتـيق . قال أبو جعفر : وقد دللنا قبل علـى أن قول الله تعالـى ذكره : { وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ } معنـيٌّ به : كلّ ما كان من عمل أو مكان جعله الله علـماً لـمناسك حجّ خـلقه ، إذ لـم يخصص من ذلك جلّ ثناؤه شيئاً فـي خبر ولا عقل . وإذ كان ذلك كذلك فمعلوم أن معنى قوله : { لَكُمْ فِـيها مَنافِعُ إلـى أجَلٍ مُسَمًّى } فـي هذه الشعائر منافع إلـى أجل مسمى ، فما كان من هذه الشعائر بدناً وهدياً ، فمنافعها لكم من حين تـملكون إلـى أن أوجبتـموها هدايا وبدناً ، وما كان منها أماكن ينسك لله عندها ، فمنافعها التـجارة لله عندها والعمل بـما أمر به إلـى الشخوص عنها ، وما كان منها أوقاتاً بأن يُطاع الله فـيها بعمل أعمال الـحجّ وبطلب الـمعاش فـيها بـالتـجارة ، إلـى أن يطاف بـالبـيت فـي بعض ، أو يوافـى الـحرم فـي بعض ويخرج عن الـحرم فـي بعض . وقال اختلف الذين ذكرنا اختلافهم فـي تأويـل قوله : { لَكُمْ فِـيها مَنافِعُ إلـى أجَلٍ مُسَمًّى } فـي تأويـل قوله : { ثُمَّ مَـحِلُّها إلـى البَـيْتِ العَتِـيقِ } فقال الذين قالوا عنـي بـالشعائر فـي هذا الـموضع البُدْن : معنى ذلك ثم مـحل البدن إلـى أن تبلغ مكة ، وهي التـي بها البـيت العتـيق . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم ، قال : أخبرنا هشيـم ، قال : أخبرنا حجاج ، عن عطاء : { ثُمَّ مَـحِلُّها إلـى البَـيْتِ العَتِـيقِ } إلـى مكة . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { ثُمَّ مَـحِلُّها إلـى البَـيْتِ العَتِـيقِ } يعنـي مـحل البدن حين تسمى إلـى البـيت العتـيق . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جرَيج ، عن مـجاهد ، قال : { ثُمَّ مَـحِلُّها } حين تسمى هدياً { إلـى البـيت العتـيق } ، قال : الكعبة أعتقها من الـجبـابرة . فوجه هؤلاء تأويـل ذلك إلـى ثَمَّ منـحر البدن والهدايا التـي أوجبتـموها إلـى أرض الـحرم . وقالوا : عنـي بـالبـيت العتـيق أرض الـحرم كلها . وقالوا : وذلك نظير قوله : { فَلا يَقْرَبُوا الـمَسْجِدَ الـحَرَامَ } والـمراد : الـحرم كله . وقال آخرون : معنى ذلك : ثم مـحلكم أيها الناس من مناسك حجكم إلـى البـيت العتـيق أن تطوفوا به يوم النـحر بعد قضائكم ما أوجبه الله علـيكم فـي حجكم . ذكر من قال ذلك : حدثنا مـحمد بن الـمثنى ، قال : ثنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا داود بن أبـي هند ، عن مـحمد بن أبـي موسى : { ثُمَّ مَـحِلُّها إلـى البَـيْتِ العَتِـيقِ } قال : مـحلّ هذه الشعائر كلها الطواف بـالبـيت . وقال آخرون : معنى ذلك : ثم مـحلّ منافع أيام الـحجّ إلـى البـيت العتـيق بـانقضائها . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { ثُمَّ مَـحِلُّها إلـى البَـيْتِ العَتِـيقِ } حين تنقضي تلك الأيام ، أيام الـحجّ إلـى البـيت العتـيق . وأولـى هذه الأقوال عندي بـالصواب قول من قال : معنى ذلك : ثم مـحلّ الشعائر التـي لكم فـيها منافع إلـى أجل مسمى إلـى البـيت العتـيق ، فما كان من ذلك هدياً أو بدناً فبـموافـاته الـحرم فـي الـحرم ، وما كان من نُسُك فـالطواف بـالبـيت . وقد بـيَّنا الصواب فـي ذلك من القول عندنا فـي معنى الشعائر .