Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 49-51)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم : قل يا مـحمد لـمشركي قومك الذين يجادلونك فـي الله بغير علـم ، اتبـاعاً منهم لكل شيطان مريد : { يا أيها النَّاسُ إنَّـمَا أنا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِـينٌ } أنذركم عقاب الله أن ينزل بكم فـي الدنـيا وعذابه فـي الآخرة أن تَصْلَوْه { مُبِـينٌ } يقول : أبـين لكم إنذاري ذلك وأظهره لتنـيبوا من شرككم وتـحذروا ما أنذركم من ذلك لا أملك لكم غير ذلك ، فأما تعجيـل العقاب وتأخيره الذي تستعجلوننـي به فإلـى الله ، لـيس ذلك إلـيّ ولا أقدر علـيه . ثم وصف نذارته وبشارته ، ولـم يجر للبشارة ذكر ، ولـما ذُكِرت النذارة علـى عمل عُلـم أن البشارة علـى خلافه ، فقال : { والَّذِينَ آمَنُوا } بـالله ورسوله { وعَمِلُوا الصَّالِـحَاتِ } منكم أيها الناس ومن غيركم ، { لَهُمْ مَغْفِرَةٌ } يقول : لهم من الله ستر ذنوبهم التـي سلفت منهم فـي الدنـيا علـيهم فـي الآخرة . { وَرِزْقٌ كَرِيـمٌ } يقول : ورزق حسن فـي الـجنة كما : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، قال : قال ابن جُرَيج ، قوله : { فـالَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِـحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيـمٌ } قال : الـجنة . وقوله : { وَالَّذِينَ سَعَوْا فِـي آياتِنا مُعاجِزِينَ } يقول : والذين عملوا فـي حججنا فصدّوا عن اتبـاع رسولنا والإقرار بكتابنا الذي أنزلناه . وقال { فـي آياتَنِا } فأدخـلت فـيه « فـي » كما يقال : سعى فلان فـي أمر فلان . واختلف أهل التأويـل فـي تأويـل قوله : { مُعاجِزِينَ } فقال بعضهم : معناه : مُشَاقِّـين . ذكر من قال ذلك : حدثنا أحمد بن يوسف ، قال : ثنا القاسم ، قال : ثنا حجاج ، عن عثمان بن عطاء ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، أنه قرأها : { مُعاجِزِينَ } فـي كلّ القرآن ، يعنـي بألف ، وقال : مشاقّـين . وقال آخرون : بل معنى ذلك : أنهم ظنوا أنهم يعجزون الله فلا يقدر علـيهم . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن عبد الأعلـى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قَتادة : { فـي آياتِنا مُعاجِزينَ } قال : كذّبوا بآيات الله فظنوا أنهم يُعْجزون الله ، ولن يعجزوه . حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قَتادة ، مثله . وهذان الوجهان من التأويـل فـي ذلك علـى قراءة من قرأه : فِـي آياتِنا مُعاجِزِينَ بـالألف ، وهي قراءة عامة قرّاء الـمدينة والكوفة . وأما بعض قرّاء أهل مكة والبصرة فإنه قرأه : « مُعَجِّزِينَ » بتشديد الـجيـم ، بغير ألف ، بـمعنى أنهم عجَّزوا الناس وثَبَّطوهم عن اتبـاع رسول الله صلى الله عليه وسلم والإيـمان بـالقرآن . ذكر من قال ذلك كذلك من قراءته : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { مُعَجِّزِينَ } قال : مُبَطِّئين ، يبطَئون الناس عن اتبـاع النبـيّ صلى الله عليه وسلم . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جَرَيج ، عن مـجاهد ، مثله . والصواب من القول فـي ذلك أن يقال : إنهما قراءتان مشهورتان ، قد قرأ بكل واحدة منهما علـماء من القرّاء ، متقاربتا الـمعنى وذلك أن من عجز عن آيات الله فقد عاجز الله ، ومن معاجزة الله التعجيز عن آيات الله والعمل بـمعاصيه وخلاف أمره . وكان من صفة القوم الذين أنزل الله هذه الآيات فـيهم أنهم كانوا يبطئون الناس عن الإيـمان بـالله واتبـاع رسوله ويغالبون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يحسبون أنهم يُعْجزونه ويغلبونه ، وقد ضمن الله له نصره علـيهم ، فكان ذلك معاجزتهم الله . فإذ كان ذلك كذلك ، فبأيّ القراءتـين قرأ القارىء فمصيب الصواب فـي ذلك . وأما الـمعاجزة فإنها الـمفـاعلة من العجز ، ومعناه : مغالبة اثنـين أحدهما صاحبه أيهما يعجزه فـيغلبه الآخر ويقهره . وأما التعجيز : فإنه التضعيف وهو التفعيـل من العجز . وقوله : { أُولَئِكَ أصْحابُ الـجَحِيـمِ } يقول : هؤلاء الذين هذه صفتهم هم سكان جهنـم يوم القـيامة وأهلها الذين هم أهلها .