Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 107-108)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره مخبراً عن قـيـل الذين خفَّت موازين صالـح أعمالهم يوم القـيامة فـي جهنـم : ربنا أخرجا من النار ، فإن عدنا لـما تكره منا من عمل فإنا ظالـمون . وقوله : { قالَ اخْسَئُوا فِـيها } يقول تعالـى ذكره : قال الربّ لهم جلّ ثناؤه مـجيبـاً : { اخْسَئُوا فِـيها } أي اقعدوا فـي النار . يقال منه : خَسَأتُ فلانا أخْسَؤُه خَسْأً وخُسُوءاً ، وخَسىء هو يخسَأ وما كان خاسئاً ولقد خِسىء . { وَلا تُكَلِّـمُونِ } فعند ذلك أيس الـمساكين من الفرج ولقد كانوا طامعين فـيه كما : حدثنا مـحمد بن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن بن مَهْدِيّ ، قال : ثنا سفـيان ، عن سَلَـمة بن كُهَيـل ، قال : ثنـي أبو الزعراء ، عن عبد الله ، فـي قصة ذكرها فـي الشفـاعة ، قال : فإذا أراد الله ألاَّ يُخْرج منها يعنـي من النار أحداً ، غير وجوههم وألوانها ، فـيجيء الرجل من الـمؤمنـين فـيشفع فـيهم ، فـيقول : يا ربّ فـيقول : من عرف أحداً فلـيخرجه قال : فـيجيء الرجل فـينظر فلا يعرف أحدا ، فـيقول : يا فلان يا فلان فـيقول : ما أعرفك . فعند ذلك يقولون : { رَبَّنا أخْرجْنا مِنْها فإنْ عُدْنا فإنَّا ظالِـمُونَ } فـيقول : { اخْسَئُوا فـيها وَلا تُكَلِّـمُونِ } فإذا قالوا ذلك ، انطبقت علـيهم جهنـم فلا يخرج منها بشر . حدثنا تـميـم بن الـمنتصر ، قال : أخبرنا إسحاق ، عن شريك ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مُرّة ، عن شَهر بن حَوشب ، عن معدي كرب ، عن أبـي الدَّرْداء ، قال : يُرْسل أو يصبّ علـى أهل النار الـجوع ، فـيعدل ما هم فـيه من العذاب ، فـيستغيثون فـيغاثون بـالضَّريع الذي لا يُسْمِن ولا يُغنِـي من جوع ، فلا يغنـي ذلك عنهم شيئاً . فـيستغيثون ، فـيغاثون بطعام ذي غُصّة ، فإذا أكلوه نَشِب فـي حلوقهم ، فـيذكرون أنهم كانوا فـي الدنـيا يحدرون الغصة بـالـماء . فـيستغيثون ، فـيرفع إلـيهم الـحميـم فـي كلالـيب الـحديد ، فإذا انتهى إلـى وجوههم شوى وجوههم ، فإذا شربوه قطع أمعاءهم . قال : فـينادون مالكاً : لِـيَقْضِ علـينا ربكقال : فـيتركهم ألف سنة ، ثم يجيبهم : إنكم ماكثون . قال : فـينادون خَزَنة جهنـم : ادعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب قالوا : أو لـم تَكُ تأتـيكم رسلكم بـالبـينات ؟ قالوا : بلـى . قالوا : فـادعوا ، وما دعاء الكافرين إلا فـي ضلال قال : فـيقولون ما نـجد أحداً لنا خيراً من ربنا ، فـينادون ربهم : { رَبَّنا أخْرِجْنا مِنْها فإنْ عُدْنا فإنَّا ظالِـمُونَ } . قال : فـيقول الله : { اخْسَئُوا فِـيها وَلا تُكَلَّـمُونِ } . قال : فعند ذلك يئسوا من كل خير ، فـيدْعُون بـالويـل والشَّهيق والثُّبور . حدثنـي مـحمد بن عُمارة الأسديّ ، قال : ثنا عاصم بن يوسف الـيربوعيّ ، قال : ثنا قُطْبة بن عبد العزيز الأسديّ ، عن الأعمش ، عن شمر بن عطية ، عن شهر بن حوشب ، عن أمّ الدرداء ، عن أبـي الدرداء ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يُـلْقَـى عَلـى أهْلِ النَّارِ الـجُوعُ " … ثم ذكر نـحوا منه . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يعقوب القُمَّى ، عن هارون بن عنترة ، عن عمرو بن مَرّة ، قال : يرى أهل النار فـي كل سبعين عاماً ساق مالك خازن النار ، فـيقولون : { يا مالِكُ لِـيَقْضِ عَلَـيْنا رَبُّكَ } فـيجيبهم بكلـمة . ثم لا يرونه سبعين عاماً ، فـيستغيثون بـالـخَزَنة ، فـيقولون لهم : ادعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب فـيجيبونهم : { أوَ لَـمْ تَكُ تَأْتِـيكُمْ رُسُلُكُمْ بـالبَـيِّناتِ … } الآية . فـيقولون : ادعوا ربكم ، فلـيس أحد أرحم من ربكم فـيقولون : { رَبَّنا أخْرِجْنا مِنْها فإنْ عُدْنا فإنَّا ظالِـمُونَ } . قال : فـيجيبهم : { اخْسَئُوا فـيها وَلا تُكَلِّـمُونِ } . فعند ذلك يـيأَسُون من كلّ خير ، ويأخذون فـي الشهيق والوَيْـل والثُّبور . حدثنا ابن عبد الأعلـى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { اخْسَئُوا فـيها وَلا تُكِلِّـمُونِ } قال : بلغنـي أنهم ينادُون مالكا فـيقولون : لـيقض علـينا ربك فـيسكت عنهم قدر أربعين سنة ، ثم يقول : { إنَّكُمْ ماكِثُونَ } قال : ثم ينادُون ربهم ، فـيسكت عنهم قدر الدنـيا مرّتـين ، ثم يقول : { اخْسَئُوا فِـيها وَلا تُكَلِّـمُونِ } . قال : فـيـيأس القوم ، فلا يتكلـمون بعدها كلـمة ، وكان إنـما هو الزفـير والشهيق . قال قتادة : صوت الكافر فـي النار مثل صوت الـحمار : أوّله زفـير ، وآخره شهيق . حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قَتادة ، مثله . حدثنا الـحسن ، قال : ثنا عبد الله بن عيسى ، قال : أخبرنـي زياد الـخراسانـيّ ، قال : أسنده إلـى بعض أهل العلـم ، فنسيته ، فـي قوله : { اخْسَئُوا فِـيها وَلا تُكَلِّـمُونِ } قال : فـيسكتون ، قال : فلا يسمع فـيها حِس إلا كطنـين الطَّسْت . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { اخْسَئُوا فِـيها وَلا تُكَلِّـمُونِ } هذا قول الرحمن عزّ وجلّ ، حين انقطع كلامهم منه .