Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 25-27)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعنـي ذكره مخبراً عن قـيـل الـملأ الذين كفروا من قوم نوح { إنْ هُوَ إلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ } : ما نوح إلا رجل به جنون . وقد يقال أيضاً للـجنّ جنة ، فـيتفق الاسم والـمصدر ، و « هو » من قوله : إن هو كناية اسم نوح . وقوله : { فَتَرَبَّصُوا بِهِ حتـى حِينٍ } يقول : فتلبثوا به ، وتنظروا به حتـى حين يقول : إلـى وقت ما . ولـم يَعْنُوا بذلك وقتاً معلوماً ، إنـما هو كقول القائل : دعه إلـى يوم مَّا ، أو إلـى وقت مَّا . وقوله : { قالَ رَبّ انْصُرْنِـي بِـمَا كَذَّبُونِ } يقول : قال نوح داعياً ربه مستنصراً به علـى قومه ، لـما طال أمره وأمرهم وتـمادَوا فـي غيهم : { رَبِّ انْصُرْنِـي عَلـى قَوْمِي بِـما كَذَّبُونِ } يعنـي بتكذيبهم إياي ، فـيـما بلَّغتهم من رسالتك ودعوتهم إلـيه من توحيدك . وقوله : { فأَوْحَيْنا إلَـيْهِ أنه اصْنَعِ الفُلْكَ بأَعْيُنِنا وَوَحْينا } يقول : فقلنا له حين استنصرَنا علـى كَفَرة قومه : اصنع الفُلْك ، وهي السفـينة { بأَعْيُنِنا } يقول : بـمرأى ومنظر ، { ووَحْينَا } يقول : وبتعلـيـمنا إياك صنعتها . { فإذَا جاء أمْرُنا } يقول : فإذا جاء قضاؤنا فـي قومك ، بعذابهم وهلاكهم { وَفـارَ التَّنُّورُ } ، وقد ذكرنا فـيـما مضى اختلاف الـمختلفـين فـي صفة فور التنور ، والصواب عندنا من القول فـيه بشواهده ، بـما أغنى عن إعادته فـي هذا الـموضع . { فـاسْلُكْ فِـيها مِنْ كلَ زَوْجِيْنِ اثْنَـيْنِ } يقول : فأدخـل فـي الفلك واحمل . والهاء والألف فـي قوله : { فـيها } من ذكر الفلك . { منْ كُلَ زَوْجِيْنِ اثْنَـينِ } يقال سلكته فـي كذا وأسلكته فـيه ومن سلكته قوم الشاعر : @ وكُنْتُ لِزَازَ خَصْمِكَ لَـمْ أُعَرّدْ وَقَدْ سَلَكُوكَ فِـي يَوْمٍ عَصِيبِ @@ وبعضهم يقول : أسلكت بـالألف ومنه قولـي الهُذَلـيّ : @ حتـى إذَا أسْلَكُوهُمْ فِـي قُتائِدَةٍ شَلاًّ كمَا تَطْرُدِ الـجَّمَّالَةُ الشُّرُدَا @@ وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { فـاسْلُكْ فِـيها مِنْ كُلَ زَوْجَيْنِ اثْنَـيْنِ } يقول لنوح : اجعل فـي السفـينة من كل زوجين اثنـين . { وأهْلَكَ } وهم ولده ونساؤهم : { إلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَـيْهِ القَوْلُ } من الله بأنه هالك فـيـمن يهلك من قومك فلا تـحمله معك ، وهو يام الذي غرق . ويعنـي بقوله : { مِنْهُمْ } مِن أهلك ، والهاء والـميـم فـي قوله « منهم » من ذكر الأهل . وقوله : { وَلا تـخاطِبْنِـي } … الآية ، يقول : ولا تسألنـي فـي الذين كفروا بـالله أن أنـجيهم . { إنَّهُمْ مُغْرَقُونَ } يقول : فإنـي قد حتـمت علـيهم أن أغرق جميعهم .