Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 1-1)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال أبو جعفر : يعنـي بقوله تعالـى ذكره : { سُورَةٌ أنْزَلْناها } وهذه السورة أنزلناها . وإنـما قلنا معنى ذلك كذلك ، لأن العرب لا تكاد تبتدىء بـالنكرات قبل أخبـارها إذا لـم تكن جوابـاً ، لأنها توصل كما يوصل « الذي » ، ثم يخبر عنها بخبر سوى الصلة ، فـيستقبح الابتداء بها قبل الـخبر إذا لـم تكن موصولة ، إذ كان يصير خبرها إذا ابتدىء بها كالصلة لها ، ويصير السامع خبرها كالـمتوقع خبرها بعد إذ كان الـخبر عنها بعدها كالصلة لها . وإذا ابتدىء بـالـخبر عنها قبلها ، لـم يدخـل الشك علـى سامع الكلام فـي مراد الـمتكلـم . وقد بـيَّنا فـيـما مضى قبلُ أن السورة وصف لـما ارتفع بشواهده فأغنى ذلك عن إعادته فـي هذا الـموضع . وأما قوله : { وَفَرَضْناها } فإن القرّاء اختلفت فـي قراءته ، فقرأه بعض قرّاء الـحجاز والبصرة : « وَفَرَّضْناها » ويتأوّلونه : وفصَّلناها ونزّلنا فـيها فرائض مختلفة . وكذلك كان مـجاهد يقرؤه ويتأوّله . حدثنـي أحمد بن يوسف ، قال : ثنا القاسم ، قال : ثنا ابن مهديّ ، عن عبد الوارث بن سعيد ، عن حميد ، عن مـجاهد ، أنه كان يقرؤها : « وَفَرَّضْناها » يعنـي بـالتشديد . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قوله : « وَفَرَّضْناها » قال : الأمر بـالـحلال ، والنهي عن الـحرام . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد ، مثله . وقد يحتـمل ذلك إذا قرىء بـالتشديد وجهاً غير الذي ذكرنا عن مـجاهد ، وهو أن يوجه إلـى أن معناه : وفرضناها علـيكم وعلـى من بعدكم من الناس إلـى قـيام الساعة . وقرأ ذلك عامة قرّاء الـمدينة والكوفة والشأم : { وَفَرَضْناها } بتـخفـيف الراء ، بـمعنى : أوجبنا ما فـيها من الأحكام علـيكم وألزمناكموه وبـيَّنا ذلك لكم . والصواب من القول فـي ذلك : أنهما قراءتان مشهورتان قد قرأ بكل واحدة منهما علـماء من القرّاء ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب . وذلك أن الله قد فصلها ، وأنزل فـيها ضروبـاً من الأحكام ، وأمر فـيها ونهى ، وفرض علـى عبـاده فـيها فرائض ، ففـيها الـمعنـيان كلاهما : التفريض ، والفرض فلذلك قلنا بأية القراءتـين قرأ القارىء فمصيب الصواب . ذكر من تأوّل ذلك بـمعنى الفَرْض والبـيان من أهل التأويـل : حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { وَفَرَضْناها } يقول : بـيناها . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { سُورَةٌ أنْزَلْناها وَفَرَضْناها } قال : فرضناها لهذا الذي يتلوها مـما فرض فـيها . وقرأ فـيها : { آياتٍ بَـيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } . وقوله : { وأنْزَلْنا فِـيها آياتٍ بَـيِّناتٍ } يقول تعالـى ذكره : وأنزلنا فـي هذه السورة علامات ودلالات علـى الـحقّ بـينات ، يعنـي واضحات لـمن تأملها وفكر فـيها بعقل أنها من عند الله ، فإنها الـحقّ الـمبـين ، وإنها تهدي إلـى الصراط الـمستقـيـم . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُريج : { وأنْزَلْنا فِـيها آياتٍ بَـيِّناتٍ } قال : الـحلال والـحرام والـحدود . { لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } يقول : لتتذكروا بهذه الآيات البـينات التـي أنزلناها .