Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 22-22)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : ولا يحلف بـالله ذوو الفضل منكم ، يعنـي ذوي التفضل والسَّعة يقول : وذوو الـجِدَة . واختلف القرّاء فـي قراءة قوله : { وَلا يأْتَلِ } فقرأته عامة قرّاء الأمصار : { وَلا يَأْتَلِ } بـمعنى : يفتعل من الأَلِـيَّة ، وهي القسم بـالله سوى أبـي جعفر وزيد بن أسلـم ، فإنه ذُكِر عنهما أنهما قرآ ذلك : « وَلا يَتأَلَّ » بـمعنى : يتفعَّل ، من الأَلِـية . والصواب من القراءة فـي ذلك عندي قراءة من قرأ : { ولا يأَتَل } بـمعنى يفتعل من الأَلِـية وذلك أن ذلك فـي خطّ الـمصحف كذلك ، والقراءة الأخرى مخالفة خطّ الـمصحف ، فـاتبـاع الـمصحف مع قراءة جماعة القرّاء وصحّة الـمقروء به أولـى من خلاف ذلك كله . وإنـما عُنِـي بذلك أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه فـي حلفه بـالله لا ينفق علـى مِسْطَح ، فقال جلّ ثناؤه : ولا يحلف من كان ذا فضل من مال وسعة منكم أيها الـمؤمنون بـالله ألاَّ يُعْطُوا ذَوِي قَرابتهم فـيصِلوا به أرحامهم ، كمِسْطح ، وهو ابن خالة أبـي بكر . { والـمساكين } : يقول : وذوي خَـلَّة الـحاجة ، وكان مِسْطح منهم ، لأنه كان فقـيراً مـحتاجا . { والـمهاجرين فـي سبـيـل الله } وهم الذين هاجروا من ديارهم وأموالهم فـي جهاد أعداء الله ، وكان مِسْطَح منهم لأنه كان مـمن هاجر من مكة إلـى الـمدينة ، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدراً . { وَلْـيَعْفُوا } يقول ولـيعفُوا عما كان منهم إلـيهم من جُرم ، وذلك كجرم مِسْطح إلـى أبـي بكر فـي إشاعته علـى ابنته عائشة ما أشاع من الإفك . { وَلْـيَصْفَحُوا } يقول : ولـيتركوا عقوبتهم علـى ذلك ، بحرمانهم ما كانوا يؤتونهم قبل ذلك ، ولكن لـيعودوا لهم إلـى مثل الذي كانوا لهم علـيه من الإفضال علـيهم . { ألا تُـحِبُّونَ أنْ يَغْفِرَ اللّهُ لَكُمْ } يقول : ألا تـحبون أن يستر الله علـيكم ذنوبكم بإفضالكم علـيهم ، فـيترك عقوبتكم علـيها . { وَاللّهُ غَفُورٌ } لذنوب من أطاعه واتبع أمره ، رحيـم بهم أن يعذّبهم مع اتبـاعهم أمره وطاعتهم إياه ، علـى ما كان لهم من زلة وهفوة قد استغفروه منها وتابوا إلـيه من فعلها . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، عن الزهريّ ، عن عَلقمة بن وقّاص اللـيثـيّ ، وعن سعيد بن الـمسيب ، وعن عرورة بن الزبـير ، وعن عبـيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن عائشة . قال : وثنـي ابن إسحاق ، قال : ثنا يحيى بن عبـاد بن عبد الله بن الزُّبـير ، عن أبـيه ، عن عائشة . قال : وثنـي ابن إسحاق ، قال : ثنـي عبد الله بن أبـي بكر بن مـحمد بن عمرو بن حزم الأنصاريّ ، عن عمرة بنت عبد الرحمن ، عن عائشة ، قالت : لـما نزل هذا يعنـي قوله : { إنَّ الَّذِينَ جاءُوا بـاْلإفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ } فـي عائشة ، وفـيـمن قال لها ما قال قال أبو بكر ، وكان ينفق علـى مسطح لقرابته وحاجته : والله لا أنفق علـى مسطح شيئاً أبداً ولا أنفعه بنفع أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال وأدخـل علـيها ما أدخـل قالت : فأنزل الله فـي ذلك : { وَلا يأَتَلِ أُولُوا الفَضْلِ مِنْكُمْ والسَّعَةِ } … الآية . قالت : فقال أبو بكر : والله إنـي لأحبّ أن يغفر الله لـي فرجع إلـى مسطح نفقتَه التـي كان يُنفِق علـيه ، وقال : والله لا أنزعها منه أبداً . حدثنـي علـيّ ، قال ثنا عبد الله ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ } يقول : لا تُقْسِموا ألاّ تنفعوا أحدا . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ } … إلـى آخر الآية ، قال : كان ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رَمَوا عائشة بـالقبـيح وأفشَوا ذلك وتكلوا به ، فأقسم ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فـيهم أبو بكر ، ألاّ يتصدّق علـى رجل تكلـم بشيء من هذا ولا يصله ، فقال : لا يُقْسِم أولوا الفضل منكم والسعة أن يصلوا أرحامهم وأن يعطوهم من أموالهم كالذي كانوا يفعلون قبل ذلك . فأمر الله أن يُغْفَر لهم وأن يُعْفَـى عنهم . حُدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : أخبرنا عبـيد ، قال : سمعت الضحاك يقول فـي قوله : { وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ } : لـما أنزل الله تعالـى ذكره عذر عائشة من السماء ، قال أبو بكر وآخرون من الـمسلـمين : والله لا نصل رجلا منهم تَكَلّـم بشيء من شأن عائشة ولا ننفعه فأنزل الله : { وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعة } يقول : ولا يحلف . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أنْ يُؤْتُوا أُولـي القُرْبَى } قال : كان مِسْطَح ذا قرابة . { والَـمَساكِينَ } قال : كان مسكينا . { وَالـمُهاجِرِينَ فِـي سَبِـيـلِ اللّه } كان بدْريًّا . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الفَضْلِ مِنْكُمْ والسَّعَةِ } قال : أبو بكر حلف أن لا ينفع يتـيـما فـي حِجْره كان أشاع ذلك . فلـما نزلت هذه الآية قال : بلـى أنا أحبّ أن يغفر الله لـي ، فَلاكوننّ لـيتـيـمي خيرَ ما كنت له قطُّ .