Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 9-10)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم : انظر يا مـحمد إلـى هؤلاء الـمشركين الذين شبهوا لك الأشبـاه بقولهم لك : هو مسحور ، فضلُّوا بذلك عن قصد السبـيـل وأخطئوا طريق الهُدَى والرشاد { فلا يَسْتَطِيعُونَ } يقول : فلا يجدون { سَبِـيلاً } إلـى الـحقّ ، إلاَّ فـيـما بعثتك به ، ومن الوجه الذي ضلوا عنه . وبنـحو الذي قلنا فـي تأويـل ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، قال : ثنـي مـحمد بن أبـي مـحمد ، عن سعيد بن جُبـير ، أو عكرمة ، عن ابن عبـاس : { انْظُرْ كَيْف ضَرَبُوا لَكَ الأمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطيعُونَ سَبِـيلاً } أي التـمسوا الهدى فـي غير ما بعثتك به إلـيهم فضلوا ، فلن يستطيعوا أن يصيبوا الهُدَى فـي غيره . وقال آخرون فـي ذلك ما : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { فلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِـيلاً } قال : مَخْرجاً يخرجهم من الأمثال التـي ضربوا لك . وقوله : { تَبـارَكَ الَّذِي إنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلكَ جَنَّاتٍ تَـجْرِي مِنْ تَـحْتَها الأنهَارُ } يقول تعالـى ذكره : تقدس الذي إن شاء جعل لك خيراً من ذلك . واختلف أهل التأويـل فـي الـمعنىّ ب « ذلك » التـي فـي قوله : { جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذَلكَ } فقال بعضهم : معنى ذلك : خيراً مـما قال هؤلاء الـمشركون لك يا مـحمد ، هلا أوتـيته وأنت لله رسول ثم بـين تعالـى ذكره عن الذي لو شاء جعل له من خير مـما قالوا ، فقال : { جَنَّاتٍ تَـجْرِي مِنْ تَـحْتِها الأنهَارُ } . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { تَبـارَكَ الَّذِي إنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلكَ } خيراً مـما قالوا . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد ، قوله : { تَبـارَكَ الَّذِي إن شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلكَ } قال : مـما قالوا وتـمنَّوا لك ، فـيجعل لك مكان ذلك جنات تـجري من تـحتها الأنهار . وقال آخرون : عُنِـي بذلك الـمشي فـي الأسواق والتـماس الـمعاش . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، عن مـحمد بن أبـي مـحمد ، فـيـما يرى الطبريّ ، عن سعيد بن جُبر ، أو عكرِمة ، عن ابن عبـاس ، قال : ثم قال : { تَبَـارَك الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذَلِكَ } من أن تـمشيَ فـي الأسواق وتلتـمس الـمعاش كما يـلتـمسه الناس ، { جَنَّاتٍ تَـجْرِي مِنْ تَـحْتِهَا الأَنْهَارُ وَيجْعَلْ لَكَ قُصُوراً } . قال أبو جعفر : والقول الذي ذكرناه عن مـجاهد فـي ذلك أشبه بتأويـل الآية ، لأن الـمشركين إنـما استعظموا أن لا تكون له جنة يأكل منها وأن لا يُـلْقـى إلـيه كنز ، واستنكروا أن يـمشي فـي الأسواق وهو لله رسول . فـالذي هو أولـى بوعد الله إياه أن يكون وعداً بـما هو خير ما كان عند الـمشركين عظيـماً ، لا مـما كان منكراً عندهم . وعُنِـي بقوله : { جَنَّاتٍ تَـجْرِي مِنْ تَـحْتِها الأنهَارُ } بساتـين تـجري فـي أصول أشجارها الأنهار . كما : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { جَنَّاتٍ تَـجْرِي مِنْ تَـحْتِها الأنهَارُ } قال : حوائط . وقوله : { وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً } يعنـي بـالقصور : البـيوت الـمبنـية . وبنـحو ما قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : قال : أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { وَيجْعَلْ لَكَ قُصُوراً } قال : بـيوتاً مبنـية مشيدة ، كان ذلك فـي الدنـيا . قال : كانت قريش ترى البـيت من الـحجارة قصراً كائناً ما كان . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد : { ويَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً } مشيدة فـي الدنـيا ، كل هذا قالته قريش . وكانت قريش ترى البـيت من حجارة ما كان صغيراً قَصْراً . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفـيان ، عن حبـيب قال : قـيـل للنبـيّ صلى الله عليه وسلم : إن شئت أن نعطيك من خزائن الأرض ومفـاتـيحها ما لـم يُعْطَ نبـيٌّ قبلك ولا يعطى من بعدك ولا ينقص ذلك مـما لك عند الله تعالـى ؟ فقال : " اجْمَعُوها لـي فـي الآخِرَةِ " فأنزل الله فـي ذلك : { تَبـارَكَ الَّذي إنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلكَ جَنَّاتٍ تَـجْرِي مِنْ تَـحْتِها الأنهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً } .