Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 26, Ayat: 136-138)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : قالت عاد لنبـيهم هود صلى الله عليه وسلم : معتدل عندنا وعظك إيانا ، وتركك الوعظ ، فلن نؤمن لك ولن نصدّقك علـى ما جئتنا به . وقوله : { إنْ هَذَا إلاَّ خُـلُقُ الأوَّلِـينَ } اختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك فقرأته عامة قرّاء الـمدينة سوى أبـي جعفر ، وعامة قرّاء الكوفة الـمتأخرين منهم : { إنْ هَذَا إلاَّ خُـلُقُ الأوَّلِـينَ } من قبلنا : وقرأ ذلك أبو جعفر ، وأبو عمرو بن العلاء : « إنْ هَذَا خَـلْقُ الأوَّلِـينَ » بفتـح الـخاء وتسكين اللام بـمعنى : ما هذا الذي جئتنا به إلا كذب الأوّلـين وأحاديثهم . واختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك ، نـحو اختلاف القرَّاء فـي قراءته ، فقال بعضهم : معناه : ما هذا إلا دين الأوّلـين وعادتهم وأخلاقهم . ذكر من قال ذلك : حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله { إنْ هَذَا إلاَّ خُـلُقُ الأوّلِـينَ } يقول : دين الأوّلـين . حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قَتادة قوله { إنْ هَذَا إلاَّ خُـلُقُ الأوّلِـينَ } يقول : هكذا خِـلْقة الأوّلـين ، وهكذا كانوا يحيون ويـموتون . وقال آخرون : بل معنى ذلك : ما هذا إلا كذب الأوّلـين وأساطيرهم . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس { إنْ هَذَا إلاَّ خُـلُقُ الأوّلِـينَ } قال : أساطير الأوّلـين . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله { إلاَّ خُـلُقُ الأوَّلِـينَ } قال : كذبهم . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله { إنْ هَذَا إلاَّ خُـلُقُ الأوّلِـينَ } قال : إن هذا إلا أمر الأوّلـين وأساطير الأوّلـين اكتتبها فهي تُـملـي علـيه بكرة وأصيلاً . حدثنا ابن الـمثنى ، قال : ثنا عبد الأعلـى ، قال : ثنا داود ، عن عامر ، عن علقمة ، عن ابن مسعود { إنْ هَذَا إلاَّ خُـلُقُ الأوّلِـينَ } يقول : إن هذا إلا اختلاق الأوّلـين . قال : ثنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا داود ، عن الشعبـيّ ، عن علقمة ، عن عبد الله ، أنه كان يقرأ { إنْ هَذَا إلاَّ خُـلُقُ الأوّلِـينَ } ويقول شيء اختلقوه . حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا ابن علـية ، عن داود ، عن الشعبـيّ ، قال : قال علقمة { إنْ هَذَا إلاَّ خُـلُقُ الأوّلِـينَ } قال : اختلاق الأوّلـين . وأولـى القراءتـين فـي ذلك بـالصواب : قراءة من قرأ { إنْ هَذَا إلاَّ خُـلُقُ الأوّلِـينَ } بضمّ الـخاء واللام ، بـمعنى : إن هذا إلا عادة الأوّلـين ودينهم ، كما قال ابن عبـاس ، لأنهم إنـما عُوتبوا علـى البنـيان الذي كانوا يتـخذونه ، وبطشهم بـالناس بطش الـجبـابرة ، وقلة شكرهم ربهم فـيـما أنعم علـيهم ، فأجابوا نبـيهم بأنهم يفعلون ما يفعلون من ذلك ، احتذاءً منهم سنة من قبلهم من الأمـم ، واقتفـاءً منهم آثارهم ، فقالوا : ما هذا الذي نفعه إلا خُـلق الأوّلـين ، يَعنون بـالـخُـلق : عادةَ الأوّلـين . ويزيد ذلك بـيانا وتصحيحا لـما اخترنا من القراءة والتأويـل ، قولهُم : { وَما نَـحْنُ بِـمُعَذَّبِـينَ } لأنهم لو كانوا لا يُقرّون بأن لهم ربـاً يقدر علـى تعذيبهم ، ما قالوا { وَما نَـحْنُ بِـمَعَذَّبِـينَ } بل كانوا يقولون : إنْ هذا الذي جئتنا به يا هود إلا خـلق الأوّلـين ، وما لنا من معذِّب يعذّبنا ، ولكنهم كانوا مقرّين بـالصانع ، ويعبدون الآلهة ، علـى نـحو ما كان مشركو العرب يعبدونها ، ويقولون { إنَّها تُقَرّبُنا إلـى اللَّهِ زُلْفَـى } ، فلذلك قالوا لهود وهم منكرون نبوّته : { سَوَاءٌ عَلَـيْنا أوَعَظْتَ أمْ لَـمْ تَكُنْ مِنَ الَواعِظِينَ } ثم قالوا له : ما هذا الذي نفعله إلا عادة من قبلنا وأخلاقهم ، وما الله معذّبنا علـيه ، كما أخبرنا تعالـى ذكره عن الأمـم الـخالـية قبلنا ، أنهم كانوا يقولون لرسلهم : { إنَّا وَجَدْنا آبـاءَنا عَلـى أُمَّةٍ وَإنَّا عَلـى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ }