Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 26, Ayat: 146-150)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره مخبراً عن قـيـل صالـح لقومه من ثمود : أيترككم يا قوم ربكم فـي هذه الدنـيا آمنـين ، لا تـخافون شيئا { فِـي جَنَاتٍ وَعُيُونٍ } يقول : فـي بساتـين وعيون ماء { وَزُرُوعٍ ونَـخْـلٍ طَلْعُها هَضِيـمٌ } يعنـي بـالطلع : الكُفُرَّى . واختلف أهل التأويـل فـي معنى قوله { هَضِيـمٌ } فقال بعضهم : معناه الـيانع النضيج . ذكر من قال ذلك : حدثني مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله { ونَـخْـلٍ طَلْعُها هَضِيـمٌ } يقول : أينع وبلغ فهو هضيـم . وقال آخرون : بل هو الـمتهشم الـمتفتت . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قوله { ونَـخْـلٍ طَلْعُها هَضِيـمٌ } قال مـحمد بن عمرو فـي حديثه تهشم هشيـماً . وقال الـحارث : تهشّم تهشّماً . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : سمعت عبد الكريـم يقول : سمعت مـجاهداً يقول فـي قوله { ونَـخْـلٍ طَلْعُهَا هَضِيـمٌ } قال : حين تطلع يقبض علـيه فـيهضمه . قال : ابن جُرَيج . قال مـجاهد : إذا مسّ تهشّم وتفتَّت ، قال : هو من الرطب هضيـم تقبض علـيه فتهضمه . وقال آخرون : هو الرطب اللـين . ذكر من قال ذلك : حدثنا هناد ، قال : ثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرِمة قوله { ونَـخْـلٍ طَلْعُها هَضِيـمٌ } قال : الهضيـم : الرطب اللـين . وقال آخرون : هو الراكب بعضه بعضاً . ذكر من قال ذلك : حُدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : أخبرنا عبـيد ، قال : سمعت الضحاك يقول فـي قوله : { طَلْعُها هَضِيـمٌ } إذا كثر حمل النـخـلة فركب بعضها بعضا ، حتـى نقص بعضها بعضاً ، فهو حينئذ هضيـم . وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب أن يقال : الهضيـم : هو الـمتكسر من لـينه ورطوبته ، وذلك من قولهم : هضم فلان حقه : إذا انتقصه وتـحيَّفه ، فكذلك الهضم فـي الطلع ، إنـما هو التنقص منه من رطوبته ولـينه إما بـمسّ الأيدي ، وإما بركوب بعضه بعضاً ، وأصله مفعول صرف إلـى فعيـل . وقوله : { وَتَنْـحِتُونَ مِنَ الـجِبـالِ بُـيُوتا فَرِهِينَ } يقول تعالـى ذكره : وتتـخذون من الـجبـال بـيوتاً . فـاختلفت القرّاء فـي قراءة قوله { فـارِهِينَ } فقرأته عامة قرّاء أهل الكوفة : { فـارِهِينَ } بـمعنى : حاذقـين بنـحتها . وقرأته عامة قرّاء أهل الـمدينة والبصرة : « فَرِهِينَ » بغير ألف ، بـمعنى : أشرين بطرين . واختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك علـى نـحو اختلاف القرّاء فـي قراءته ، فقال بعضهم : معنى فـارهين : حاذقـين . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عثام ، عن إسماعيـل بن أبـي خالد ، عن أبـي صالـح وعبد الله بن شدّاد { وتَنْـحِتُونَ مِنَ الـجِبـالِ بُـيُوتا فـارِهِينَ } قال أحدهما : حاذقـين ، وقال الآخر : يتـجبرون . حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم ، قال : ثنا مروان ، قال : أخبرنا إسماعيـل بن أبـي خالدف ، عن أبـي صالـح { وَتَنْـحِتُونَ مِنَ الـجِبـالِ بُـيُوتا فـارِهِينَ } قال : حاذقـين بنـحتها . حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { فـارِهِينَ } يقول : حاذقـين . وقال آخرون : معنى فـارهين : مستفرهين متـجبرين . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا يحيى ، قال : ثنا سفـيان ، عن السديّ ، عن عبد الله بن شدّاد فـي قوله « فَرِهِينَ » قال : يتـجبرون . قال أبو جعفر : والصواب : فـارهين . وقال آخرون مـمن قرأه فـارهين : معنى ذلك : كَيِّسين . ذكر من قال ذلك : حُدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : أخبرنا عبـيد ، قال : سمعت الضحاك يقول فـي قوله : { فـاِرِهِينَ } قال : كيسين . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا عبـيد ، عن الضحاك أنه قرأ { فـارهِينَ } قال : كيسين . وقال آخرون : فرهين : أشرين . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { وَتَنْـحِتُونَ مِنَ الـجِبـالِ بُـيُوتاً فـارِهِينَ } يقول : أشرين ، ويقال : كيسين . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد فـي قوله : « بُـيُوتاً فَرِهِينَ » قال : شرهين . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد ، بـمثله . وقال آخرون : معنى ذلك : أقوياء . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : « وَتَنْـحِتُونَ مِنَ الـجِبـالِ بُـيُوتاً فَرِهِينَ » قال : الفَرِه : القويّ . وقال آخرون فـي ذلك بـما : حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر عن قتادة ، فـي قوله « فَرِهِينَ » قال : معجبـين بصنـيعكم . والصواب من القول فـي ذلك أن يقال : إن قراءة من قرأها { فـارِهِينَ } وقراءة من قرأ « فَرِهِينَ » قراءتان معروفتان ، مستفـيضة القراءة بكل واحدة منهما فـي علـماء القرّاء ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب . ومعنى قراءة من قرأ { فـارِهِينَ } : حاذقـين بنـحتها ، متـخبرين لـمواضع نـحتها ، كيسين ، من الفراهة . ومعنى قراءة من قرأ « فَرِهِينَ » : مَرِحين أشرين . وقد يجوز أن يكون معنى فَـارِه وفَرِه واحدا ، فـيكون فـاره مبنـيا علـى بنائه ، وأصله من فعل يفعل ، ويكون فره صفة ، كما يقال : فلان حاذق بهذا الأمر وحَذِق . ومن الفـاره بـمعنى الـمرح قول الشاعر عديّ بن وادع العوفـي من الأزد : @ لا أسْتَكِينُ إذا ما أزْمَةٌ أزَمَتْ وَلَنْ تَرَانِـي بِخَيْرٍ فـارِهَ الطَّلَبِ @@ أي مرح الطلب . وقوله : { فـاتَّقُوا اللَّهَ وأطِيعُونِ } يقول تعالـى ذكره : فـاتقوا عقاب الله أيها القوم علـى معصيتكم ربكم ، وخلافكم أمره ، وأطيعونِ فـي نصيحتـي لكم ، وإنذاري إياكم عقاب الله ترشدوا .