Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 26, Ayat: 208-212)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : { وَما أهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ } من هذه القرى التـي وصفت فـي هذه السور { إلاَّ لَهَا مُنْذِرُونَ } يقول : إلا بعد إرسالنا إلـيهم رسلاً ينذرونهم بأسنا علـى كفرهم وسخطنا علـيهم { ذِكْرَى } يقول : إلا لها منذرون ينذرونهم ، تذكرة لهم وتنبـيهاً لهم علـى ما فـيه النـجاة لهم من عذابنا . ففـي الذكرى وجهان من الإعراب : أحدهما النصب علـى الـمصدر من الإنذار علـى ما بـيَّنْتُ ، والآخر : الرفع علـى الابتداء ، كأنه قـيـل : ذكرى . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد { وَما أهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إلاَّ لَهَا مُنْذِرُونَ } . ذِكْرَى قال : الرسل . قال ابن جُرَيج : وقوله : { ذِكْرَى } قال : الرسل . قوله : { وما كُنَّا ظالِـمِينَ } يقول : وما كنا ظالـميهم فـي تعذيبناهم وإهلاكهم ، لأنا إنـما أهلكناهم ، إذ عتوا علـينا ، وكفروا نعمتنا ، وعبدوا غيرنا بعد الإعذار علـيهم والإنذار ، ومتابعة الـحجج علـيهم بأن ذلك لا ينبغي أن يفعلوه ، فأبوا إلا التـمادي فـي الغيّ . وقوله : { وَما تَنزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ } يقول تعالـى ذكره : وما تنزّلت بهذا القرآن الشياطين علـى مـحمد ، ولكنه ينزل به الروح الأمين { وَما يَنْبَغي لَهُمْ } يقول : وما ينبغي للشياطين أن ينزلوا به علـيه ، ولا يصلـح لهم ذلك { وَما يَسْتَطيعُونَ } يقول : وما يستطيعون أن ينزّلوا به ، لأنهم لا يصلون إلـى استـماعه فـي الـمكان الذي هو به من السماء { إنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَـمَعْزُولُونَ } يقول : إن الشياطين عن سمع القرآن من الـمكان الذي هو به من السماء لـمعزولون ، فكيف يستطيعون أن يتنزّلوا به . وبنـحو الذي قلنا فـي تأويـل ذلك ، قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قَتادة ، فـي قوله : { وَما تَنزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ } قال : هذا القرآن . وفـي قوله { إنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَـمَعْزُلُونَ } قال : عن سمع السماء . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي أبو سفـيان ، عن معمر ، عن قَتادة ، بنـحوه ، إلا أنه قال : عن سمع القرآن . والقرّاء مـجمعة علـى قراءة { وَما تَنزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ } بـالتاء ورفع النون ، لأنها نون أصلـية ، واحدهم شيطان ، كما واحد البساتـين بستان . وذُكر عن الـحسن أنه كان يقرأ ذلك : « وَما تَنزَّلَتْ بِهِ الشَّياطُونَ » بـالواو ، وذلك لـحن ، وينبغي أن يكون ذلك إن كان صحيحاً عنه ، أن يكون توهم أن ذلك نظير الـمسلـمين والـمؤمنـين ، وذلك بعيد من هذا .