Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 26, Ayat: 216-220)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : فإن عصتك يا محمد عشيرتك الأقربون الذين أمرتك بإنذارهم ، وأبوا إلا الإقامة علـى عبـادة الأوثان ، والإشراك بـالرحمن ، فقل لهم : { إنّـي بَرِيءٌ مِـمَّا تَعْمَلُونَ } من عبـادة الأصنام ومعصية بـاريء الأنام { وَتَوَكَّلْ عَلـى العَزِيزِ } فـي نقمته من أعدائه { الرَّحِيـمِ } بـمن أناب إلـيه وتاب من معاصيه ، { الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ } يقول : الذي يراك حين تقوم إلـى صلاتك . وكان مـجاهد يقول فـي تأويـل ذلك ما : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج عن مـجاهد ، قوله : { الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ } قال : أينـما كنت . { وَتَقَلُّبَكَ فِـي السَّاجِدِينَ } اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك ، فقال بعضهم : معنى ذلك : ويرى تقلبك فـي صلاتك حين تقوم ، ثم تركع ، وحين تسجد . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس قوله : { وَتَقَلُّبَكَ فِـي السَّاجِدِينَ } يقول : قـيامك وركوعك وسجودك . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفـيان ، قال : سمعت أبـي وعلـيّ بن بذيـمة يحدّثان عن عكرِمة فـي قوله : { يَراكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِـي السَّاجِدِينَ } قال : قـيامه وركوعه وسجوده . حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، قال : قال عكرِمة ، فـي قوله : { وَتَقَلُّبَكَ فِـي السَّاجِدِينَ } قال : قائماً وساجداً وراكعاً وجالساً . وقال آخرون : بل معنى ذلك : ويرى تقلبك فـي الـمصلـين ، وإبصارك منهم من هو خـلفك ، كما تبصر من هو بـين يديك منهم . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفـيان ، عن لـيث ، عن مـجاهد { وَتَقَلُّبَكَ فِـي السَّاجِدِينَ } كان يرى من خـلفه ، كما يرى من قدّامه . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قوله { وَتَقَلُّبَكَ فِـي السَّاجِدِينَ } قال : الـمصلـين كان يرى مَن خـلفه فـي الصلاة . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد ، قوله { وَتَقَلُّبَكَ فِـي السَّاجِدِينَ } قال : الـمصلـين ، قال : كان يرى فـي الصلاة من خـلفه . وقال آخرون : بل معنى ذلك : وتقلبك مع الساجدين : أي تصرفك معهم فـي الـجلوس والقـيام والقعود . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، قال : قال ابن جُرَيج : أخبرنـي عطاء الـخراسانـي عن ابن عبـاس ، قال : { وَتَقَلُّبَكَ فِـي السَّاجِدِينَ } قال : يراك وأنت مع الساجدين تَقَلَّب وتقوم وتقعد معهم . حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قَتادة ، فـي قوله : { وَتَقَلُّبَكَ فِـي السَّاجِدِينَ } قال : فـي الـمصلـين . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { وَتَقَلُّبَكَ فِـي السَّاجِدِينَ } قال : فـي الساجدين : الـمصلـين . وقال آخرون : بل معنى ذلك : ويرى تصرّفك فـي الناس . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا يحيى ، قال : ثنا ربـيعة بن كلثوم ، قال : سألت الـحسن عن قوله : { وَتَقَلُّبَكَ فِـي السَّاجِدِينَ } قال : فـي الناس . وقال آخرون : بل معنى ذلك : وتصرّفك فـي أحوالك كما كانت الأنبـياء من قبلك تفعله ، والساجدون فـي قول قائل هذا القول : الأنبـياء . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن يـمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد ، فـي قوله : { الَّذِي يَرَاكَ … } الآية ، قال : كما كانت الأنبـياء من قبلك . قال أبو جعفر : وأولـى الأقوال فـي ذلك بتأويـله قول من قال تأويـله : ويرى تقلبك مع الساجدين فـي صلاتهم معك ، حين تقوم معهم وتركع وتسجد ، لأن ذلك هو الظاهر من معناه . فأما قول من وجَّهه إلـى أن معناه : وتقلبك فـي الناس ، فإنه قول بعيد من الـمفهوم بظاهر التلاوة ، وإن كان له وجه ، لأنه وإن كان لا شيء إلا وظله يسجد لله ، فإنه لـيس الـمفهوم من قول القائل : فلان مع الساجدين ، أو فـي الساجدين ، أنه مع الناس أو فـيهم ، بل الـمفهوم بذلك أنه مع قوم سجود ، السجودَ الـمعروف ، وتوجيه معانـي كلام الله إلـى الأغلب أولـى من توجيهه إلـى الأنكر . وكذلك أيضاً فـي قول من قال : معناه : تتقلَّب فـي أبصار الساجدين ، وإن كان له وجه ، فلـيس ذلك الظاهر من معانـيه . فتأويـل الكلام إذن : وتوكل علـى العزيز الرحيـم ، الذي يراك حين تقوم إلـى صلاتك ، ويرى تقلبك فـي الـمؤتـمين بك فـيها بـين قـيام وركوع وسجود وجلوس . وقوله : { إنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الَعلِـيـمُ } يقول تعالـى ذكره : إن ربك هو السميع تلاوتك يا مـحمد ، وذكرك فـي صلاتك ما تتلو وتذكر ، العلـيـم بـما تعلـم فـيها ويعمل فـيها من يتقلَّب فـيها معك مؤتـما بك ، يقول : فرتل فـيها القرآن ، وأقم حدودها ، فإنك بـمرأى من ربك ومسمع .