Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 22-22)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعنـي تعالـى ذكره بقوله : { فَمَكَثَ غيرَ بَعِيدٍ } فمكث سلـيـمان غير طويـل من حين سأل عن الهدهد ، حتـى جاء الهدهد . واختلف القرّاء فـي قراءة قوله : { فَمَكَثَ } فقرأت ذلك عامة قرّاء الأمصار سوى عاصم : « فَمَكُثَ » بضمّ الكاف ، وقرأه عاصم بفتـحها ، وكلتا القراءتـين عندنا صواب ، لأنهما لغتان مشهورتان ، وإن كان الضمّ فـيها أعجب إلـيّ ، لأنها أشهر اللغتـين وأفصحهما . ] وقوله : { فَقالَ أحَطْتُ بِـمَا لَـمْ تُـحِطْ بِهِ } يقول : فقال الهدهد حين سأله سلـيـمان عن تـخـلفه وغيبته : أحطب بعلـم ما لـم تـحط به أنت يا سلـيـمان . كما : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { أحَطْتُ بِـمَا لَـمْ تـحِطْ بِه } قال : ما لـم تعلـم . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، عن بعض أهل العلـم ، عن وهب بن منبه { فمَكَثَ غيرَ بَعيدٍ } ثم جاء الهدهد ، فقال له سلـيـمان : ما خـلَّفك عن نوبتك ؟ قال : أحطت بـما لـم تـحط به . وقوله : { وَجِئْتُكَ مِنْ سَبإ بِنَبإ يَقِـينٍ } يقول : وجئتك من سبإ بخبر يقـين . وهو ما : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، عن بعض أهل العلـم ، عن وهب بن منبه { وَجِئْتُكَ مِنْ سَبإٍ بِنَبإٍ يَقِـينٍ } : أي أدركت ملكا لـم يبلغه ملكك . واختلفت القرّاء فـي قراءة قوله : { مِنْ سَبإٍ } فقرأ ذلك عامة قرّاء الـمدينة والكوفة { مِنْ سَبإٍ } بـالإجراء . الـمعنـي أنه رجل اسمه سبأ . وقرأه بعض قرّاء أهل مكة والبصرة { مِنْ سَبإٍ } بترك الإجراء ، علـى أنه اسم قبـيـلة أو لامرأة . والصواب من القول فـي ذلك أن يُقال : إنهما قراءتان مشهورتان ، وقد قرأ بكل واحدة منهما علـماء من القرّاء ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب فـالإجراء فـي سبأ ، وغير الإجراء صواب ، لأن سبأ إن كان رجلاً كما جاء به الأثر ، فإنه إذا أريد به اسم الرجل أُجري ، وإن أريد به اسم القبـيـلة لـم يُجْرَ ، كما قال الشاعر فـي إجرائه : @ الْوَارِدُونَ وَتَـيْـمٌ فـي ذَرَا سَبإٍ قَدْ عَضَّ أعْناقَهُمْ جِلدُ الـجَوَاميسِ @@ يروى : ذرا ، وذرى ، وقد حُدثت عن الفرّاء عن الرؤاسي أنه سأل أبـا عمرو بن العلاء كيف لـم يجر سبأ ؟ قال : لست أدري ما هو فكأن أبـا عمرو ترك إجراءه ، إذ لـم يدرِ ما هو ، كما تفعل العرب بـالأسماء الـمـجهولة التـي لا تعرفها من ترك الإجراء . حكي عن بعضهم : هذا أبو معرورَ قد جاء ، فترك إجراءه إذ لـم يعرفه فـي أسمائهم . وإن كان سبأ جبلاً ، أجري لأنه يُراد به الـجبل بعينه ، وإن لـم يجر فلأنه يجعل اسما للـجبل وما حوله من البقعة .