Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 25-26)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اختلف القرّاء ، فـي قراءة قوله { ألاَّ يَسْجُدُوا لِلَّهِ } فقرأ بعض الـمكيـين وبعض الـمدنـيـين والكوفـيـين « ألاَ » بـالتـخفـيف ، بـمعنى : ألا يا هؤلاء اسجدوا ، فأضمروا « هؤلاء » اكتفـاء بدلاة « يا » علـيها . وذكر بعضهم سماعا من العرب : ألا يا ارحمنا ، ألا يا تصدّق علـينا واستشهد أيضا ببـيت الأخطل : @ ألا يا اسْلَـمي يا هِنْدُ هنْدَ نَبِـي بَدرِ وَإنْ كانَ حَيَّانا عِدا آخِرَ الدَّهْرِ @@ فعلـى هذه القراءة اسجدوا فـي هذا الـموضع جزم ، ولا موضع لقوله « ألا » فـي الإعراب . وقرأ ذلك عامة قرّاء الـمدينة والكوفة والبصرة { ألاَّ يَسْجُدوا } بتشديد ألاَّ ، بـمعنى : وزيَّن لهم الشيطان أعمالهم لئلا يسجدوا لله « ألاَّ » فـي موضع نصب لـما ذكرت من معناه أنه لئلا ، ويسجدوا فـي موضع نصب بأن . والصواب من القول فـي ذلك أنهما قراءتان مستفـيضتان فـي قراءة الأمصار قد قرأ بكلّ واحدة منهما علـماء من القرّاء مع صحة معنـيـيهما . واختلف أهل العربـية فـي وجه دخول « يا » فـي قراءة من قرأه علـى وجه الأمر ، فقال بعض نـحويـي البصرة : من قرأ ذلك كذلك ، فكأنه جعله أمراً ، كأنه قال لهم : اسجدوا ، وزاد « يا » بـينهما التـي تكون للتنبـيه ، ثم أذهب ألف الوصل التـي فـي اسجدوا ، وأذهبت الألف التـي فـي « يا » لأنها ساكنة لقـيت السين ، فصار ألا يسجدوا . وقال بعض نـحويـي الكوفة : هذه « يا » التـي تدخـل للنداء يكتفـي بها من الاسم ، ويكتفـي بـالاسم منها ، فتقول : يا أقبل ، وزيد أقبل ، وما سقط من السواكن فعلـى هذا . ويعنـي بقوله : { يُخْرِجُ الـخَبْءَ } يخرج الـمخبوء فـي السموات والأرض من غيث فـي السماء ، ونبـات فـي الأرض ونـحو ذلك . وبـالذي قلنا فـي ذلك ، قال أهل التأويـل ، وإن اختلفت عبـارتهم عنه . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا ابن الـمبـارك ، عن ابن جُرَيج ، قراءة عن مـجاهد { يُخْرِجُ الـخَبْءَ فـي السَّمَوَات } قال : الغيث . حدثنـي مـحمد بن عمر ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله { يُخْرِجُ الـخَبْءَ } قال : الغيث . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله { الَّذِي يُخْرِجُ الـخَبْءَ فِـي السَّمَوَاتِ والأرْضِ } قال : خبء السماء والأرض : ما جعل الله فـيها من الأرزاق ، والـمطر من السماء ، والنبـات من الأرض ، كانتا رتقا ، لا تـمطر هذه ولا تنبت هذه ، ففتق السماء ، وأنزل منها الـمطر ، وأخرج النبـات . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا عيسى بن يونس ، عن إسماعيـل بن أبـي خالد ، عن حكيـم ابن جابر ، فـي قوله : { ألاَّ يَسْجُدُوا لِلَّه الَّذِي يُخْرِجُ الـخَبْءَ فِـي السَّمَوَاتِ والأرْضِ } ويعلـم كلّ خفـية فـي السموات والأرض . حدثنـي مـحمد بن عمارة ، قال : ثنا عبـيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا أُسامة بن زيد ، عن معاذ بن عبد الله ، قال : رأيت ابن عبـاس علـى بغلة يسأل تبعا ابن امرأة كعب : هل سألت كعبـا عن البذر تنبت الأرضُ العامَ لـم يصب العام الآخر ؟ قال : سمعت كعبـا يقول : البذر ينزل من السماء ويخرج من الأرض ، قال : صدقت . قال أبو جعفر : إنـما هو تبـيع ، ولكن هكذا قال مـحمد . وقـيـل : يخرج الـخَبْءَ فـي السموات والأرض ، لأن العرب تضع « مِن » مكان « فـي » و « فـي » مكان « من » فـي الاستـخراج { ويَعَلَـمُ ما تُـخْفُونَ ومَا تُعْلِنُونَ } يقول : ويعلـم السرّ من أمور خـلقه ، هؤلاء الذين زين لهم الشيطان أعمالهم والعلانـية منها ، وذلك علـى قراءة من قرأ ألاَّ بـالتشديد . وأما علـى قراءة من قرأ بـالتـخفـيف فإن معناه : ويعلـم ما يسره خـلقه الذين أمرهم بـالسجود بقوله : « ألا يا هؤلاء اسجدوا » . وقد ذكر أن ذلك فـي قراءة أُبـيّ : « وألاَّ تَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يَعْلَـمُ سرَّكُمْ ومَا تُعْلِنُونَ » . وقوله : { اللَّهُ لا إلَهَ إلاَّ هُوَ رَب العَرْشِ العَظِيـمِ } يقول تعالـى ذكره : الله الذي لا تصلـح العبـادة إلا له ، لا إله إلا هو ، لا معبود سواه تصلـح له العبـادة ، فأخـلصوا له العبـادة ، وأفردوه بـالطاعة ، ولا تشركوا به شيئا { رَبُّ العَرْشِ العَظِيـمِ } يعنـي بذلك : مالك العرش العظيـم الذي كل عرش ، وإن عظم ، فدونه ، لا يُشبهه عرش ملكة سبأ ولا غيره . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد فـي قوله : { أحَطْتُ بِـمَا لَـمْ تُـحِطْ بِهِ } إلـى قوله { لا إلَه إلاَّ هُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظِيـمِ } هذا كله كلام الهدهد . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق بنـحوه .