Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 29-31)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : فذهب الهدهد بكتاب سلـيـمان إلـيها ، فألقاه إلـيها فلـما قرأته قالت لقومها : { يا أيُّها الـمَلأُ إنّـي أُلْقِـيَ إلـيَّ كِتابٌ كَرِيـمٌ } . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـيـمة ، عن ابن إسحاق ، عن بعض أهل العلـم ، عن وهب بن منبه ، قال : كتب ، يعنـي سلـيـمان بن داود مع الهدهد : بسم الله الرحمن الرحيـم ، من سلـيـمان بن داود ، إلـى بلقـيس بنت ذي سرح وقومها ، أما بعد ، فلا تعلوا علـيّ وأتونـي مسلـمين ، قال : فأخذ الهدهد الكتاب برجله ، فـانطلق به حتـى أتاها ، وكانت لها كوّة فـي بـيتها إذا طلعت الشمس نظرت إلـيها ، فسجدت لها ، فأتـى الهدهد الكوّة فسدّها بجناحيه حتـى ارتفعت الشمس ولـم تعلـم ، ثم ألقـى الكتاب من الكوّة ، فوقع علـيها فـي مكانها الذي هي فـيه ، فأخذته . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا أبو سفـيان ، عن معمر ، عن قَتادة ، قال : بلغنـي أنها امرأة يقال لها بلقـيس ، أحسبه قال : ابنة شراحيـل ، أحد أبويها من الـجنّ ، مؤخر أحد قدميها كحافر الدابة ، وكانت فـي بـيت مـملكة ، وكان أولو مشورتها ثلاث مئة واثنـي عشر كلّ رجل منهم علـى عشرة آلاف ، وكانت بأرض يقال لها مأرب ، من صنعاء علـى ثلاثة أيام فلـما جاء الهدهد بخبرها إلـى سلـيـمان بن داود ، كتب الكتاب وبعث به مع الهدهد ، فجاء الهدهد وقد غَلَّقت الأبواب ، وكانت تغلِّق أبوابها وتضع مفـاتـيحها تـحت رأسها ، فجاء الهدهد فدخـل من كوّة ، فألقـى الصحيفة علـيها ، فقرأتها ، فإذا فـيها : { إنَّهُ مِنْ سُلَـيْـمانَ وَإنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيـمِ أَلاَّ تَعْلُوا عَلـيَّ وأتُونِـي مُسْلِـمِينَ } وكذلك كانت تكتب الأنبـياء لا تطنب ، إنـما تكتب جملاً . قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : لـم يزد سلـيـمان علـى ما قصّ الله فـي كتابه : إنه وإنه . حُدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : أخبرنا عبـيد ، قال : سمعت الضحاك يقول فـي قوله : { اذْهَبْ بكِتابِـي هَذَا فأَلْقه إلَـيْهِمْ } : فمضى الهدهد بـالكتاب ، حتـى إذا حاذى الـملكة وهي علـى عرشها ألقـى إليها الكتاب . وقوله : { قالَتْ يا أيُّها الـمَلأُ إنّـي أُلْقِـيَ إلـيَّ كِتابٌ كَرِيـمٌ } والـملأ : أشراف قومها . يقول تعالـى ذكره : قالت ملكة سبأ لأشراف قومها : { يا أيُّها الـمَلأُ إنّـي ألْقِـيَ إلـيَّ كِتابٌ كَرِيـمٌ } . واختلف أهل العلـم فـي سبب وصفها الكتاب بـالكريـم ، فقال بعضهم : وصفته بذلك لأنه كان مختوماً : وقال آخرون : وصفته بذلك لأنه كان من ملك فوصفته بـالكرم لكرم صاحبه . ومـمن قال ذلك ابن زيد . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { إنّـي أُلْقِـيَ إلـيَّ كِتابٌ كَرِيـمٌ } قال : هو كتاب سلـيـمان حيث كتب إلـيها . وقوله { إنَّهُ مِن سُلَيْمانَ وَإنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيـمِ } كُسِرت إن الأولـى والثانـية علـى الردّ علـى « إنـي » من قوله : { إنّـي أُلْقِـيَ إلـيَّ كِتابٌ كَرِيـمٌ } . ومعنى الكلام : قالت : يا أيها الـملأ إنـي ألقـي إلـيّ كتاب ، وإنه من سلـيـمان . وقوله { أَلاَّ تَعْلُوا عَلـيَّ وأْتُونِـي مُسْلِـمِينَ } يقول : ألقـي إلـيّ كتاب كريـم ألا تعلوا علـيّ . ففـي « أنْ » وجهان من العربـية : إن جعلت بدلاً من الكتاب كانت رفعا بـما رفع به الكتاب بدلاً منه وإن جعل معنى الكلام : إنى ألقـى إلـيّ كتاب كريـم أن لا تعلو علـيّ كانت نصبـاً بتعلق الكتاب بها . وعنى بقوله : { أَلاَّ تَعْلُوا عَلَـيَّ } : أن لا تتكبروا ولا تتعاظموا عما دعوتكم إلـيه . كما : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { أَلاَّ تَعْلُوا عَلـيَّ } : أن لا تتـمنعوا من الذي دعوتكم إلـيه إن امتنعتـم جاهدتكم . فقلت لابن زيد : { أنْ لا تَعْلُوا عَلـيَّ } أن لا تتكبروا علـيّ ؟ قال : نعم قال : وقال ابن زيد : { أَلاَّ تَعْلوا عَلـيَّ وأْتُونِـي مُسْلِـمِينَ } ذلك فـي كتاب سلـيـمان إلـيها . وقوله : { وأْتُونِـي مُسْلِـمِينَ } يقول : وأقبلوا إلـيّ مذعنـين لله بـالوحدانـية والطاعة .