Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 60-60)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره للـمشركين به من قُرَيش : أعبـادة ما تعبدون من أوثانكم التـي لا تضرّ ولا تنفع خير ، أم عبـادة من خـلق السموات والأرض ؟ { وأنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماء } يعنـي مطراً ، وقد يجوز أن يكون مريداً به العيون التـي فجَّرها فـي الأرض ، لأن كل ذلك من خـلقه { فَأنْبَتْنا بِهِ } يعنـي بـالـماء الذي أنزل من السماء { حَدَائِقَ } وهي جمع حديقة ، والـحديقة : البستان علـيه حائط مـحوّط ، وإن لـم يكن علـيه حائط لـم يكن حديقة . وقوله : { ذَاتَ بَهْجَةٍ } يقول : ذات منظر حسن . وقـيـل ذات بـالتوحيد . وقد قـيـل حدائق ، كما قال : { وَلِلّهِ الأسْماءُ الـحُسْنَى } ، وقد بـيَّنت ذلك فـيـما مضى . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن قال : ثنا ورقاء ، جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ } قال : البهجة : الفُقَّاح مـما يأكل الناس والأنعام . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد ، قوله : { حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ } قال : من كلّ شيء تأكله الناس والأنعام . وقوله : { ما كانَ لَكُمْ أنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها } يقول تعالـى ذكره : أنبتنا بـالـماء الذي أنزلناه من السماء لكم هذه الـحدائق إذا لـم يكن لكم ، لولا أنه أنزل علـيكم الـماء من السماء طاقة أن تنبتوا شجر هذه الـحدائق ، ولـم تكونوا قادرين علـى ذهاب ذلك ، لأنه لا يصلـح ذلك إلا بـالـماء . وقوله : { أءِلَهٌ مَعَ اللّهِ } يقول تعالـى ذكره : أمعبود مع الله أيها الـجهلة خـلق ذلك ، وأنزل من السماء الـماء ، فأنبت به لكم الـحدائق ؟ فقوله : أءله مردود علـى تأويـل : أمع الله إله . { بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ } يقول جلّ ثناؤه : بل هؤلاء الـمشركون قوم ضلال ، يعدلون عن الـحقّ ، ويجورون علـيه ، علـى عمد منهم لذلك ، مع علـمهم بأنهم علـى خطأ وضلال ولـم يعدلوا عن جهل منهم ، بأن من لا يقدر علـى نفع ولا ضرّ ، خير مـمن خـلق السموات والأرض ، وفعل هذه الأفعال ، ولكنهم عدلوا علـى علـم منهم ومعرفة ، اقتفـاء منهم سنة من مضى قبلهم من آبـائهم .