Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 10-10)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : ومن الناس من يقول : أقررنا بـالله فوحَّدناه ، فإذا آذاه الـمشركون فـي إقراره بـالله ، جعل فتنة الناس إياه فـي الدنـيا ، كعذاب الله فـي الآخرة ، فـارتدّ عن إيـمانه بـالله ، راجعاً علـى الكفر به { وَلَئِنْ جاءَ نَصْر مِنْ رَبِّكَ } يا مـحمد أهل الإيـمان به { لَـيَقُولُنَّ } هؤلاء الـمرتدّون عن إيـمانهم ، الـجاعلون فتنة الناس كعذاب الله : { إنَّا كُنَّا } أيها الـمؤمنون { مَعَكُمْ } ننصركم علـى أعدائكم ، كذبـاً وإفكاً . يقول الله : { أوَ لَـيْسَ اللّهُ بأعْلَـمَ } أيها القوم من كلّ أحد { بـمَا فـي صُدُور العَالـمينَ } جميع خـلقه ، القائلـين آمنا بـالله وغَيرِهم ، فإذا أُوذِي فـي الله ارتد عن دين الله فكيف يخادع من كان لا يخفـى علـيه خافـية ، ولا يستتر عنه سراً ولا علانـية . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثن عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بـاللّهِ ، فإذَا أُوذِيَ فِـي اللّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللّهِ } قال : فتنته أن يرتدّ عن دين الله إذا أوذي فـي الله . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { فإذَا أُوذِيَ فِـي اللّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللّهِ … } إلـى قوله { وَلَـيَعْلَـمَنَّ الـمُنافِقِـينَ } قال : أناس يؤمنون بألسنتهم ، فإذا أصابهم بلاء من الله أو مصيبة فـي أنفسهم افتتنوا ، فجعلوا ذلك فـي الدنـيا كعذاب الله فـي الآخرة . حُدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : أخبرنا عبـيد ، قال : سمعت الضحاك يقول : قوله : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بـاللّهِ … } الآية ، نزلت فـي ناس من الـمنافقـين بـمكة كانوا يؤمنون ، فإذا أوذوا وأصابهم بلاء من الـمشركين ، رجعوا إلـى الكفر مخافة من يؤذيهم ، وجعلوا أذى الناس فـي الدنـيا كعذاب الله . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، فـي قول الله { فإذَا أُوذِيَ فِـي اللّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللّهِ } قال : هو الـمنافق إذا أوذي فـي الله رجع عن الدين وكفر ، وجعل فتنة الناس كعذاب الله . وذُُُكر أن هذه الآية نزلت فـي قوم من أهل الإيـمان كانوا بـمكة ، فخرجوا مهاجرين ، فأدركوا وأُخذوا فأعطوا الـمشركين لـما نالهم أذاهم ما أرادوا منهم . ذكر الـخبر بذلك : حدثنا أحمد بن منصور الرمادي ، قال : ثنا أبو أحمد الزبـيري ، قال : ثنا مـحمد بن شريك ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرِمة ، عن ابن عبـاس ، قال : كان قوم من أهل مكة أسلـموا ، وكانوا يستـخفون بإسلامهم ، فأخرجهم الـمشركون ، يوم بدر معهم ، فأصيب بعضهم وقتل بعض ، فقال الـمسلـمون : كان أصحابنا هؤلاء مسلـمين ، وأكرهوا ، فـاستغفروا لهم ، فنزلت : { إنَّ الَّذِينَ تَوَفَّـاهُمُ الـمَلائِكَةُ ظالِـمِي أنْفُسِهِمْ قالُوا فِـيـمَ كُنْتُـمْ … } إلـى آخر الآية ، قال : فكتب إلـى من بقـي بـمكة من الـمسلـمين بهذه الآية أن لا عذر لهم ، فخرجوا ، فلـحقهم الـمشركون ، فأعطوهم الفتنة ، فنزلت فـيهم هذه الآية : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بـاللّهِ ، فإذَا أُوذِيَ فِـي اللّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللّهِ … } إلـى آخر الآية ، فكتب الـمسلـمون إلـيهم بذلك ، فخرجوا وأيسوا من كلّ خير ، ثم نزلت فـيهم : { ثُمَّ إنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ، ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبرُوا ، إنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيـمٌ } فكتبوا إلـيهم بذلك : إن الله قد جعل لكم مخرجاً ، فخرجوا ، فأدركهم الـمشركون ، فقاتلوهم ، حتـى نـجا من نـجا ، وقُتل من قُتل . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة ، قوله { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بـاللّهِ ، فإذَا أُوذِيَ فِـي اللّهِ … } إلـى قوله { وَلَـيَعْلَـمَنَّ الـمُنافِقِـينَ } قال : هذه الآيات أنزلت فِـي القوم الذين ردّهم الـمشركون إلـى مكة ، وهذه الآيات العشر مدنـية إلـى ههنا وسائرها مكيّ .