Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 17-17)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره مخبرا عن قـيـل خـلـيـله إبراهيـم لقومه : إنـما تعبدون أيها القوم من دون الله أوثاناً ، يعنـي مُثُلاً . كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة ، قوله { إنَّـمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ أوْثاناً } أصناماً . واختلف أهل التأويـل فـي تأويـل قوله : { وتَـخْـلُقُونَ إفْكاً } فقال بعضهم : معناه : وتصنعون كذبـاً . ذكر من قال ذلك : حدثنا علـيّ ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { وتَـخْـلُقُونَ إفْكاً } يقول : تصنعون كذبـاً . وقال آخرون : وتقولون كذبـاً . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس { وتَـخْـلُقُونَ إفْكاً } يقول : وتقولون إفكاً . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد { وتَـخْـلُقُونَ إفْكاً } يقول : تقولون كذبـاً . وقال آخرون : بل معنى ذلك : وتنـحِتون إفكاً . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن عطاء الـخراسانـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله { وتَـخْـلُقونَ إفْكاً } قال : تنـحِتون تصوّرون إفكاً . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة { وتَـخْـلُقُونَ إفْكاً } أي تصنعون أصناماً . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { وَتَـخْـلُقُونَ إفْكاً } الأوثان التـي ينـحِتونها بأيديهم . وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب قول من قال : معناه : وتصنعون كذبـاً . وقد بـيَّنا معنى الـخـلق فـيـما مضى بـما أغنى عن إعادته فـي هذا الـموضع . فتأويـل الكلام إذن : إنـما تعبدون من دون الله أوثاناً ، وتصنعون كذبـاً وبـاطلاً . وإنـما فـي قوله : { إفْكاً } مردود علـى إنـما ، كقول القائل : إنـما تفعلون كذا ، وإنـما تفعلون كذا . وقرأ جميع قرّاء الأمصار : { وتَـخْـلُقُونَ إفْكاً } بتـخفـيف الـخاء من قوله : { وتَـخْـلُقُونَ } وضمّ اللام : من الـخَـلْق . وذُكر عن أبـي عبد الرحمن السُلـميّ أنه قرأ : { وتُـخَـلِّقونَ إفْكاً } بفتـح الـخاء وتشديد اللام من التـخـلـيق . والصواب من القراءة فـي ذلك عندنا ما علـيه قرّاء الأمصار ، لإجماع الـحجة من القرّاء علـيه . وقوله : { إنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ لا يَـمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً } يقول جلّ ثناؤه : إن أوثانكم التـي تعبدونها ، لا تقدر أن ترزقكم شيئا { فـابتغُوا عندَ اللّهِ الرِّزْقَ } يقول : فـالتـمسوا عند الله الرزق لا من عند أوثانكم ، تدركوا ما تبتغون من ذلك { وَاعْبُدُوهُ } يقول : وذلوا له { وَاشْكُرُوا لَهُ } علـى رزقه إياكم ، ونعمه التـي أنعمها علـيكم . يقال : شكرته وشكرتُ له ، والثانـية أفصح من شكرته . وقوله : { إلَـيْهِ تُرْجَعُونَ } يقول : إلـى الله تُرَدّون من بعد مـماتكم ، فـيسألكم عما أنتـم علـيه من عبـادتكم غيره وأنتـم عبـاده وخـلقه ، وفـي نعمه تتقلَّبون ، ورزقه تأكلون .