Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 40-40)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : فأخذنا جميع هذه الأمـم التـي ذكرناها لك يا مـحمد بعذابنا { فَمِنْهُمْ مَنْ أرْسَلْنا عَلَـيْهِ حاصِبـاً } وهم قوم لُوط ، الذين أمطر الله علـيهم حجارة من سجِيـل مَنضُود ، والعرب تسمي الريح العاصف التـي فـيها الـحصى الصغار أو الثلـج أو البَرَد والـجلـيد حاصبـاً ومنه قول الأخطل : @ وَلقدْ عَلِـمْتُ إذا العِشارُ تَرَوَّحَتْ هَدَجَ الرّئالِ يَكُبُّهُنَّ شَمالا تَرْمي العِضَاهَ بحاصِبٍ مِن ثَلْـجِها حتـى يَبِـيتَ علـى العِضَاهِ جُفـالا @@ وقال الفرزدق : @ مُسْتَقْبِلِـينَ شَمالَ الشَّأْمِ تَضْرِبُنا بحاصِبٍ كَنَدِيفِ القُطْنِ مَنْثُور @@ وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : قال ابن عبـاس : { فَمِنْهُمْ مَنْ أرْسَلْنا عَلَـيْهِ حاصِبـاً } قوم لوط . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة { فَمِنْهُمْ مَنْ أرْسَلْنا عَلَـيْهِ حاصبـاً } وهم قوم لوط . { وَمِنْهُمْ مَنْ أخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ } . اختلف أهل التأويـل فـي الذين عُنوا بذلك ، فقال بعضهم : هم ثمود قوم صالـح . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : قال ابن عبـاس { وَمِنْهُمْ مَنْ أخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ } ثمود . وقال آخرون : بل هم قوم شعيب . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة { وَمِنْهُمْ مَنْ أخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ } قوم شعيب . والصواب من القول فـي ذلك أن يقال : إن الله قد أخبر عن ثمود وقوم شعيب من أهل مدين أنه أهلكهم بـالصيحة فـي كتابه فـي غير هذا الـموضع ، ثم قال جلّ ثناؤه لنبـيه صلى الله عليه وسلم : فمن الأمـم التـي أهلكناهم من أرسلنا علـيهم حاصبـاً ، ومنهم مَنْ أخذته الصيحة ، فلـم يخصُصِ الـخبر بذلك عن بعض مَنْ أخذته الصيحة من الأمـم دون بعض ، وكلا الأمتـين أعنـي ثمود ومَدين قد أخذتهم الصَّيحة . وقوله : { وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الأرْضِ } : يعنـي بذلك قارون . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : قال ابن عبـاس : { وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الأرْضِ } قارون { وَمِنْهُمْ مَنْ أغْرَقْنا } يعنـي : قوم نوح وفرعون وقومه . واختلف أهل التأويـل فـي ذلك ، فقال بعضهم : عُنـي بذلك : قومُ نوح علـيه السلام . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : قال ابن عبـاس : { وَمِنْهُمْ مَنْ أغْرَقْنا } قومُ نوح . وقال آخرون : بل هم قوم فرعون . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة { وَمِنْهُمْ مَنْ أغْرَقْنا } قوم فرعون . والصواب من القول فـي ذلك ، أن يُقال : عُنـي به قوم نوح وفرعونُ وقومه ، لأن الله لـم يخصص بذلك إحدى الأمتـين دون الأخرى ، وقد كان أهلكهما قبل نزول هذا الـخبر عنهما ، فهما مَعْنـيتان به . وقوله : { وَما كانَ اللّهُ لِـيَظْلِـمَهُمْ وَلَكِنْ كانُوا أنْفُسَهُمْ يَظْلِـمُونَ } يقول تعالـى ذكره : ولـم يكن الله لـيهلك هؤلاء الأمـم الذين أهلكهم بذنوب غيرهم ، فـيظلـمَهم بإهلاكه إياهم بغير استـحقاق ، بل إنـما أهلكهم بذنوبهم ، وكفرهم بربهم ، وجحودهم نعمه علـيهم ، مع تتابع إحسانه علـيهم ، وكثرة أياديه عندهم ، ولكن كانوا أنفسهم يظلـمون بتصرّفهم فـي نعم ربهم ، وتقلبهم فـي آلائه وعبـادتهم غيره ، ومعصيتهم من أنعم علـيهم .